أَقْسَامُ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْكُفَّارِ مختارات من كتب لأبن تيمية رحمه الله
صفحة 1 من اصل 1
أَقْسَامُ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْكُفَّارِ مختارات من كتب لأبن تيمية رحمه الله
الْكُفَّارُ إِمَّا أَهْلُ حَرْبٍ وَإِمَّا أَهْلُ عَهْدٍ، وَأَهْلُ الْعَهْدِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَهْلُ ذِمَّةٍ وَأَهْلُ هُدْنَةٍ وَأَهْلُ أَمَانٍ.
وَقَدْ عَقَدَ الْفُقَهَاءُ لِكُلِّ صِنْفٍ بَابًا، فَقَالُوا: بَابُ الْهُدْنَةِ، بَابُ الْأَمَانِ، بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَلَفْظُ " الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ " يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ فِي الْأَصْلِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الصُّلْحِ "، فَإِنَّ الذِّمَّةَ مِنْ جِنْسِ لَفْظِ الْعَهْدِ، وَالْعَقْدِ.
وَقَوْلُهُمْ: " هَذَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ " أَصْلُهُ مِنْ هَذَا: أَيْ فِي عَهْدِهِ، وَعَقْدِهِ، أَيْ فَأَلْزَمَهُ بِالْعَقْدِ، وَالْمِيثَاقِ، ثُمَّ صَارَ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُمْكِنُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ جِهَتِهِ، سَوَاءٌ وَجَبَ بِعَقْدِهِ، أَوْ بِغَيْرِ عَقْدِهِ، كَبَدَلِ الْمُتْلَفِ فَإِنَّهُ يُقَالُ: هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ بِفِعْلِهِ، أَوْ بِفِعْلِ وَلَيِّهِ، أَوْ وَكِيلِهِ، كَوَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَوَلِيِّ بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفِ، فَإِنَّ بَيْتَ الْمَالِ، وَالْوَقْفِ يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ وَعَلَيْهِ حَقٌّ، كَمَا يَثْبُتُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَيُطَالِبُ وَلِيُّهُ الَّذِي لَهُ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ، وَيَقْبِضَ مَا عَلَيْهِ.
وَهَكَذَا لَفْظُ " الصُّلْحِ " عَامٌّ فِي كُلِّ صُلْحٍ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَصُلْحَهُمْ مَعَ الْكُفَّارِ، وَلَكِنْ صَارَ - فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ - " أَهْلُ الذِّمَّةِ " عِبَارَةً عَمَّنْ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ ذِمَّةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ، فَإِنَّهُمْ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ، أَوْ غَيْرِ مَالٍ، لَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَجْرِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَكِنْ عَلَيْهِمُ الْكَفُّ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلَاءِ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْعَهْدَ، وَأَهْلَ الصُّلْحِ، وَأَهْلَ الْهُدْنَةِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَهُوَ الَّذِي يَقْدَمُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا، وَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: رُسُلٌ، وَتُجَّارٌ، وَمُسْتَجِيرُونَ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا فِيهِ، وَإِنْ شَاءُوا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَطَالِبُوا حَاجَةٍ مِنْ زِيَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ أَلَّا يُهَاجِرُوا، وَلَا يُقْتَلُوا، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَأَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْمُسْتَجِيرِ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ فَذَاكَ، وَإِنْ أَحَبَّ اللَّحَاقَ بِمَأْمَنِهِ أُلْحِقَ بِهِ، وَلَمْ يُعْرَضْ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ مَأْمَنُهُ عَادَ حَرْبِيًّا كَمَا كَانَ.
--------------------------------------------------------------------------------
أَهْلُ ذِمَّةٍ وَأَهْلُ هُدْنَةٍ وَأَهْلُ أَمَانٍ.
وَقَدْ عَقَدَ الْفُقَهَاءُ لِكُلِّ صِنْفٍ بَابًا، فَقَالُوا: بَابُ الْهُدْنَةِ، بَابُ الْأَمَانِ، بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَلَفْظُ " الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ " يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ فِي الْأَصْلِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الصُّلْحِ "، فَإِنَّ الذِّمَّةَ مِنْ جِنْسِ لَفْظِ الْعَهْدِ، وَالْعَقْدِ.
وَقَوْلُهُمْ: " هَذَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ " أَصْلُهُ مِنْ هَذَا: أَيْ فِي عَهْدِهِ، وَعَقْدِهِ، أَيْ فَأَلْزَمَهُ بِالْعَقْدِ، وَالْمِيثَاقِ، ثُمَّ صَارَ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُمْكِنُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ جِهَتِهِ، سَوَاءٌ وَجَبَ بِعَقْدِهِ، أَوْ بِغَيْرِ عَقْدِهِ، كَبَدَلِ الْمُتْلَفِ فَإِنَّهُ يُقَالُ: هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ بِفِعْلِهِ، أَوْ بِفِعْلِ وَلَيِّهِ، أَوْ وَكِيلِهِ، كَوَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَوَلِيِّ بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفِ، فَإِنَّ بَيْتَ الْمَالِ، وَالْوَقْفِ يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ وَعَلَيْهِ حَقٌّ، كَمَا يَثْبُتُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَيُطَالِبُ وَلِيُّهُ الَّذِي لَهُ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ، وَيَقْبِضَ مَا عَلَيْهِ.
وَهَكَذَا لَفْظُ " الصُّلْحِ " عَامٌّ فِي كُلِّ صُلْحٍ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَصُلْحَهُمْ مَعَ الْكُفَّارِ، وَلَكِنْ صَارَ - فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ - " أَهْلُ الذِّمَّةِ " عِبَارَةً عَمَّنْ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ ذِمَّةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ، فَإِنَّهُمْ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ، أَوْ غَيْرِ مَالٍ، لَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَجْرِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَكِنْ عَلَيْهِمُ الْكَفُّ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلَاءِ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْعَهْدَ، وَأَهْلَ الصُّلْحِ، وَأَهْلَ الْهُدْنَةِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَهُوَ الَّذِي يَقْدَمُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا، وَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: رُسُلٌ، وَتُجَّارٌ، وَمُسْتَجِيرُونَ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا فِيهِ، وَإِنْ شَاءُوا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَطَالِبُوا حَاجَةٍ مِنْ زِيَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ أَلَّا يُهَاجِرُوا، وَلَا يُقْتَلُوا، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَأَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْمُسْتَجِيرِ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ فَذَاكَ، وَإِنْ أَحَبَّ اللَّحَاقَ بِمَأْمَنِهِ أُلْحِقَ بِهِ، وَلَمْ يُعْرَضْ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ مَأْمَنُهُ عَادَ حَرْبِيًّا كَمَا كَانَ.
--------------------------------------------------------------------------------
مواضيع مماثلة
» قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
» إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَشُرُوطُهُ مختارات من كتب أبن القيم الجوزية رحمه الله
» سئل فضيلة الشيخ: عن قول ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمه الله ) ؟
» أيها الأخوة: اعلموا حفظكم الله أن أشرف شيء بين يديك عمرك , ووقتك هذا الوقت هو أشرف شيء أعطاك الله عز وجل ولهذا قال بن الجوزي رحمه الله: الوقت
» قال ابن القيم رحمه الله تعالى : سبحان الله ؛ في النفس كبر إبليس ، وحسد قابيل ، وعتو عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وقحة
» إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَشُرُوطُهُ مختارات من كتب أبن القيم الجوزية رحمه الله
» سئل فضيلة الشيخ: عن قول ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمه الله ) ؟
» أيها الأخوة: اعلموا حفظكم الله أن أشرف شيء بين يديك عمرك , ووقتك هذا الوقت هو أشرف شيء أعطاك الله عز وجل ولهذا قال بن الجوزي رحمه الله: الوقت
» قال ابن القيم رحمه الله تعالى : سبحان الله ؛ في النفس كبر إبليس ، وحسد قابيل ، وعتو عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وقحة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى