اسمع والقرار لك
صفحة 1 من اصل 1
اسمع والقرار لك
الحمد لله الذي عز فارتفع ، وذل لعظمته كل شيءٍ وخضع ، الحمد لله الذي خلق فأبدع ما خلق ، لا تنفعه طاعة من أطاع ولا تضره معصية من فسق ، خلق السموات والأرض رتقاً ثم فتق ما رتق ، أقسم ربنا بالشفق ، وبالليل وما وسق ، وأقسم لتركبن طبقاً عن طبق ، ثم قال فما لهم لا يؤمنون ، ربي وربك الله العظيم ، الذي إذا خُشي سلَّم ، وإذا اتُّقي علَّم ، وإذا عصاه العاصي فهو يحلم ، ثم إذا عصاه يستره ويحلم ، ثم إذا تمادى ذلكم العبد الفقير في معصيته وذنبه وتمرد وعصاه يرزقه ويحلم ، وإذا أصر ذلكم العبد الفقير على كبيرته وذنبه وتمادى في غيه وكبيرته وعناده وعصاه يستصرحه ويحلم ، وإذا غضب ما أشد أخذه حين ينتقم ، ربنا الحميد المجيد ، الفعال لما يريد ، من أراد ما يريد الله أراد الله له ما يريد ، ومن تصرف بحوله وقوته ألاَن له الحديد ، وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أبدياً إلى يوم الدين ..
يا رب أنت المستعان وإننا
أبداً لفضلك عالة فقراء
نرجوك في كل الأمور
وما لنا في غير مَنِّك يا كريم رجاء
أنت الغني وما لجودك منتهى
بيديك سر الخلق والإحياء
أبدعت هذا الكون من عدم وفي
يدك التصرف فيه كيف تشاء
لولاك ما كنا ولا كانت لنا
دنيا ولا عمرت بنا أرجاء
ثم أما بعد ،، أحبتي الكرام حياكم الله في هذا المجلس الإيماني ، وأسال الله عز وجل أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوما ، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما ، وأن لا يبقي فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروما ..
أحبتي الكرام يحكى أن شاباً خرج من داره ذات يوم ، وفي طريقه وجد فتاة حسناء جميلة تلك الفتاة ، نظر إليها ذاك الشاب فملكت قلبه واستهوته وأحبها حباً عظيماً ، ذهب الشاب إلى تلك الفتاة ليخطبها من نفسها ، وافقت الفتاة ، لكن قالت بشرط : أن يكون مهري وصداقي كذا وكذا وطلبت مهراً ضخماً طائلاً ، وذاك الشاب لا يستطيع على ذاك المهر أخذ يفكر في حلول سريعة يريد أن يتزوج بالفتاة يريد أن يظفر بالفتاة ، قال : إذن أذهب إلى أحد التجار وأقترض منه المبلغ وأتزوج بتلك الفتاة ، ذهب ذاك الشاب إلى ذاك التاجر من أجل أن يقترض ذاك المبلغ ، أخبره الخبر وقص عليه القصة ، فقال ذاك التاجر : أنا لا أصدق أويعقل أن في هذا الكون فتاة هذا مهرها وهذا صداقها هذا كلام غير صحيح ، قال الشاب : إذن اذهب معي إلى تلك الفتاة واسمع من الفتاة ، ذهب الشاب والتاجر إلى تلك الفتاة ، رآها التاجر فانفتن بها وملكت قلبه واستهوته ، وقال : هذه الفتاة التي أبحث عنها ، فاختصم الشاب والتاجر على هذه الفتاة أيهم يظفر بها ، قالوا : إذن نذهب إلى القاضي ونختصم عند القاضي ونتحاكم عند القاضي ، ذهبوا إلى القاضي أخبروه الخبر ، قال القاضي : لا أفصل في القضية حتى تحضر الفتاة وأسمع منها ، أحضروا الفتاة إلى القاضي رآها القاضي افتتن بها القاضي ، وقال : هذه الفتاة التي أبحث عنها ، ثم قال لهذا الشاب : هذه فتاة جميلة ومهرها طائل ، وأنت فقير معدوم الحال لا تستطيع على مهرها وصداقها ، وقال للتاجر : أنت رجل تجارة وسوق يلهيك مالك وتجارتك عنها ، هي ما تصلح إلا لرجل دين وقضاء مثلي ، اختصم الثلاثة الشاب والتاجر والقاضي على هذه الفتاة أيهم يظفر بها ، قالوا : إذن نحتكم إلى أعلى سلطة في البلدة نذهب إلى والي المدينة ونتحاكم عنده ، ذهب الأربعة الشاب والتاجر والقاضي والفتاة إلى الوالي فلما دخلوا على الوالي ورأى الوالي تلك الفتاة افتتن بها الوالي ، وقال : هذه الفتاة التي أبحث عنها عمري كله ، هذه الفتاة ما تصلح إلا لسلطان مثلي ، أما أنت أيها الشاب فأنت شابٌّ صعلوكٌ فقيرٌ معدوم الحال ، لا تستطيع على مهرها وصداقها ، وقال للتاجر : أنت رجل تجارة وسوق يلهيك مالك وتجارتك وسوقك عنها ، وقال للقاضي : أنت رجل دين وقضاء يلهيك دينك وقضاؤك عنها ، هي لا تصلح إلا لسلطان مثلي صاحب أموال وصاحب تجارة وصاحب حشود وبنود وقصور ، اختصم الأربعة الشاب والتاجر والقاضي والوالي أيهم يظفر بتلك الفتاة ، عندها قالت الفتاة : أنا التي أفصل في القضية ، أوتقبلون حكمي ؟ قالوا : قبلنا حكمك ، قالت : أنا أجعلكم على مضمار تتسابقون على هذا المضمار وأيكم يسبق هو الذي يتزوجني ، رضي الجميع بهذا الحل ، فأخذ الجميع يعدو في ذاك المضمار ، أخذ الجميع يسير مسرعاً ومهرولاً يوماً تلو يوم ، وأسبوعاً تلو أسبوع ، وشهراً تلو شهر ، وسنة تلو سنة ، سنة تلو سنة ، سنة تلو سنة ، وما هي إلا أيام قلائل حتى يهوي الجميع في حفرةٍ سحيقةٍ مظلمةٍ ضيقة ، تنظر إليهم الفتاة من علو وتقول :
أنا الدنيا ، أنا الدنيا ، أنا الدنيا أيكم ما افتتن بي ؟ أيكم ما صددت ؟ أيكم ما أشغلت ؟
يا شباب الذي فتننا في هذه الحياة الدنيا هو تعلقنا بالدنيا وكأننا خلقنا من أجل الدنيا ، نخاصم نقاطع نسعى من أجل هذه الدنيا نسير خلف هذه الدنيا وكأننا ما خلقنا إلا من أجل هذه الدنيا ، لا والله ما خلقنا الله عز وجل إلا لأمرٍ عظيم ..
يقول الله عز وجل في كتابه : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " ..
" وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ " أي كن في عبادة متصلة بالله عز وجل حتى تموت وتفارق هذه الحياة الدنيا ..
ويقول الله عز وجل في آية أخرى : " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ..
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ربى ذلك الجيل جيل الصحابة ، ثم أعطى ذاك الجيل تلك التوجيهات هي للصحابة وللأمة من بعد الصحابة ، ينام صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ على حصير ، فيقوم صلى الله عليه وسلم من تلك النومة وقد علَّم الحصير على جنبه الطاهر الشريف ، يقول صلى الله عليه وسلم : فيرى الحصير وقد علم في جنب النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، فتخون عمر تلك الدموع تنزل على مقلتيه ، يبكي عمر ، يبكي من المنظر _ منظر الحصير في جنب النبي صلى الله عليه وسلم _ ، فيرى صلى الله عليه وسلم عمر وهو يبكي ، فيقول : ما يبكيك يا عمر ؟ لماذا تبكي يا عمر ؟ قال : يا رسول الله أفضل خلق الله وإليك أنزل كلام الله وتنام على الحصير ! وكسرى وقيصر ينامون على الديباج والحرير ! هذا الذي يبكيني يا رسول الله ، فيقول صلى الله عليه وسلم : ( اسمع التوجيهات من الحبيب صلى الله عليه وسلم لعمر وللأمة من بعد عمر ) أفي شك يا ابن الخطاب " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " ، يا عمر والله لو رفعت يدي إلى السماء فسألت الله الدنيا لحول لي رملاء مكة ذهباً وفضة ، يا عمر ( اسمع هذه الجزئية كم غفل عنها الكثيرون ) ، يا عمر إنما مثلي ومثلك كمثل راكبٍ استظل تحت ظل شجرة ثم انصرف منها _ يصور النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة هذه الحياة الدنيا _ يا عمر إنما مثلي ومثلك كمثل راكب استظل تحت ظل شجرة ثم انصرف منها ..
يا شباب هذه حقيقة الحياة الدنيا ، والله تمضي مسرعة ، الله عز وجل في هذه الحياة الدنيا أنعم علينا بنعمٍ كثيرة ، أعطانا السمع وأعطانا البصر وأعطانا نعمة الصحة ونعمة العافية ونعمة المال ونعمة الزوجة ونعمة الوظيفة ، والله ما سخر الله عز وجل لنا هذه النعم لنعصي الله عز وجل بها .. من الذي أعطانا نعمة السمع ؟ أليس الله ؟ أسألكم بالله من أعطانا هذه النعمة يستحق أن نعصي الله عز وجل بها ؟ أن نسمع أغاني ؟ أن نسمع غيبة ونميمة ؟ الذي أعطانا نعمة البصر يستحق أن ننظر إلى الشاشات وإلى القنوات وإلى الكاسيات العاريات ؟ لا والله ، لا والله ما يستحق الله عز وجل ذلك ..
يا شباب يروى أن شاب _ والله العظيم يا أحبتي قصة حقيقية واقعية ، اسمعوها علها تغير واقعنا ، علها تحيي قلوبنا _ يحكى أن شاب من الشباب خرج من بيته يوم من الأيام ، يريد أن يقضي حاجة من حوائجه ، وفي الطريق يقع عليه حادث مروري ، عمر ذاك الشاب أربعة وعشرين سنة ، يقع عليه ذاك الحادث ، يأتون المسعفين وإذا بذاك الشاب في غيبوبة تامة ، يقلبونه ليس فيه كسور ، وليس فيه قطرة دم ، سليم معافى جسمه ما فيه شيء ، لكنه في غيبوبة تامة ، يحملون ذاك الشاب وعلى المستشفى في العناية المركزة ، أربعة أيام ما ينبض فيه عرق ، ولا يرمش فيه طرف ، أربعة أيام في غيبوبة تامة ، اليوم الرابع وإذا بذاك الشاب يقوم ويفوق من تلك الغيبوبة ، وإذا به يتكلم مع أبوه وإخوانه وجلاسه وزواره ، وإذا بذاك الشاب يحرك يديه ويسير على قدميه معافى صحيح ليس فيه شيء ، لكنه تفاجأ ذاك الشاب أنه قد فقد نعمة البصر ، كانت موجودة أربعة وعشرين سنة مضت ، لكن مع ذاك الحادث انتهت نعمة البصر ، لما تيقن ذاك الشاب أن نعمة البصر انتهت وولت ، أخذ يبكي بكاء الأطفال ، يبكي بكاء مرير ، يأتي إليه أبوه وإخوانه وجلاسه يا فلان اتق الله ، يا فلان ارض بقضاء الله ، هذا مكتوب من عند الله عز وجل ، لابد أن ترضى بما قسم الله عز وجل ( اسمع الذي يبكي ذاك الشاب عمره أربعة وعشرين سنة ) ، يقول : يا أبي ، يا أبي والله ما يبكيني نعمة البصر ، فأنا أعلم أن الله هو الذي أعطاني أربعة وعشرين سنة مضت من عمري ، وأنا أعلم أن الله هو الذي أخذ نعمة البصر الآن ، لكن الذي يبكيني يا أبي هي أربعة وعشرين سنة كنت أرى القرآن ولا أفتح وأقرأ ، الذي يبكيني يا أبي أربعة وعشرين سنة كنت أرى المسجد ولا أذهب أصلي ، الذي يبكيني يا أبي أربعة وعشرين سنة كانت نعمة البصر معي كنت أجلس خلف القنوات بالساعات أقلب في الشاشات والقنوات وأنظر إلى الكاسيات العاريات ، والله ما يبكيني يا أبي إلا أربع وعشرين سنة كانت نعمة البصر موجودة وكنت أصرفها فيما يغضب الله عز وجل ..
هذا الذي يبكيه ، هذا الذي يبكي ذاك الشاب ، متى عرف نعمة البصر ؟ لما فقد نعمة البصر ..
هذه رسالة أوجهها لك أيها الشاب الذي تعصي الله عز وجل بهذه النعم التي أعطاك الله عز وجل إياها ..
أنا عندي في الجامعة حلقة تحفيظ قرآن ، طفل من الأطفال عمره 11 سنة ، يدرس في خامسة ابتدائي ، أسأل الله أن يوفقه وأن يزيده ثبات ، ذاك الشاب وذاك الطفل أحضرته عندي بعد الصلاة ، كان يحفظ من القرآن عشرة أجزاء ، من الناس إلى سورة لقمان ، ما يقارب عشرة أجزاء ، قلت لذاك الشاب ولذاك الطفل أويعقل أن في هذه العشرة الأجزاء لم تستوقفك آية ؟ لم تتدبر آية في كتاب الله عز وجل ؟ إيش تتوقعون كان رد ذاك الشاب ؟ قال : يا شيخ إلا والله فيه آية أقسم بالله استوقفتني وجلست أفكر فيها وقت طويل .. لا إله إلا الله طفل عمره إحدى عشر سنة توقف مع آية واقشعر جلده وأخذ يفكر في تلك الآية ! والله يا أحبتي كما تسمعون ، قلت له : ما هي الآية ؟ طرت شوقاً أريد أن أعرف تلك الآية التي استوقفت ذاك الطفل ، قال : يا شيخ آية في سورة يس ، قلت : ما هي الآية ؟ عجِّل ، قال : الآية قول الله عز وجل : " الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " .. أخذ ذاك الطفل يقول : يا شيخ يوم القيامة والوقوف بين يدي الله ستنطق هذه اليد ؟ ستتكلم هذه اليد يا شيخ فعلاً ؟ قلت : هذا كلام الله ، إيه ستنطق هذه اليد وستشهد هذه اليد ..
إيه تلك الآية استوقفت ذاك الطفل ألا تستوقفني أنا وإياك يا رعاك الله يا من نعصي الله عز وجل بهذه اليد ، من هو الذي حرك هذه اليد ؟ من الذي أجرى الدم في هذه اليد ؟ أليس الله عز وجل ؟ أَمَن أجرى الدم فيها وحركها يستحق أن نعصيه بها ؟ إيش أكثر شيء يعصي الله عز وجل في جسمك ؟ تفكر .. تجد أنه اليد هي اللي تمسك السيجارة ، وهي اللي تفرك بالحشيش ، وهي اللي تمسك الأموال الربوية ، وهي اللي تفعل العادة السرية ، وهي أكثر عضو من أعضاءك تعصي الله عز وجل ، ومع ذلك يا رعاك الله والله الذي لا إله غيره أن تخونك هذه اليد ، أن يأتي يوم القيامة ستنطق وتتكلم وتشهد عليك ، وتقول : أن للدخان مسكت ، وأنا للمعاصي وللموبقات فعلت .. هذا كلام الله ، انظر إلى يدك يا رعاك الله ستنطق هذه اليد ، والله ستنطق وستتكلم وستفضحك بين يدي الله عز وجل وستشهد بما فعلت إما خير وإما شر .. هذا كلام الله
" وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "
سمعت يا من تعصي الله عز وجل وتتجرأ على حرمات الله ، والله ستقف بين يدي الله عز وجل ويسألك ..
يا شباب القلوب فيها خير ، قلوب الشباب فيها خير ، حتى وإن كان عندهم ذنوب ومعاصي ومخدرات ومسكرات وحب وغرام وهوى ، لكن والله في قلوب الشباب خير ، في قلوبهم خير ..
أحبتي الكرام .. أكثر ما يعاني الشباب وقضايا الشباب ومشاكل الشباب اللي هي مخدرات ، أسألك بالله أيها الشاب أن تسمع هذه القصص التي وقفت عليها أنا شخصياً ..
يوم من الأيام دخلت إحدى المستشفيات في بلادنا الحبيبة ، دخلت ذاك المستشفى ، وفي طريقي لأزور أحد أقاربي يأتيني شاب ، ثم يأتي إلي ويقول يا شيخ أسألك بالله تروح معي للعناية المركزة ، قلت له : ليه ؟ قال : أخوي في العناية المركزة متوفي دماغياً على أثر حادث مروري ، يا شيخ في عالم الطب يقولون أيام وليالي ونسلمكم إياه جثة هامدة ، لا فائدة من الجراحة ومن الطب ، يعني الأكسجين والدم لا تصل إلى الدماغ متوفي دماغياً ، يا شيخ الأطباء يقولون : أحضروا من يقرأ عليه القرآن ، عل الله عز وجل يعيد إليه الروح والحياة ، استجبت لذاك الشاب ، ذهبت معه إلى العناية المركزة ، دخلت وإذ بي أرى ذاك الشاب عمره ما يقارب تسعة وعشرين سنة ، مسجى على ذاك السرير ، شعر طويل ناعم ، بشرة بيضاء جميل البشرة ، وسيم الشكل ، أخذت أقرأ على ذاك الشاب ، لا يتحرك فيه عضو ، أخذت أقرأ عليه كلام الله ، أخذت أقرأ عليه وأدعو الله عز وجل أن يعيد إليه الحياة ، اليوم الثاني أحبتي الكرام حضرت إلى المستشفى بعد أن تعاطفت على حالته وقرأت عليه في اليوم الثاني ، اليوم الثالث كان يوم جمعة أتيت بعد صلاة العصر ، طلعت للعناية المركزة وكان أخوه بجواري ، وأنا أقرأ وأدعو الله عز وجل : ( يا رب أعد إليه الحياة ، يا رب اشفه أنت المشافي أنت المعافي ) ، وإذا بأخيه بجواري يبكي يا إخوان بكاء شديد ، بكاء فشلنا في العناية المركزة من شدة بكاءه ، أخذت أخوه بيده وأخرجته من العناية المركزة ، قلت له : أشوفك تبكي بحرقة ، ليش تبكي هذا البكاء ؟ قال : يا شيخ ، يا شيخ أقسم بالله أتمنى أن أخوي يرجع إلى الدنيا ساعة واحدة ، يا شيخ أتمنى أن أخوي يرجع إلى الحياة الدنيا دقيقة واحدة ، يا شيخ أتمنى أن أخوي ترجع له الحياة ، ويسجد لله ويقول : أنا تائب إلى الله ، قلت له : ليه ؟ قال : يا شيخ تبغى الحقيقة ، أخوي وقع عليه حادث مروري وهو سكران فل الفل ، وهو سكران إلى الثمالة ، تقريره الطبي إنه في حالة سكر شديد ، أتيت اليوم الرابع من أجل أقرأ على ذاك الشاب ، دخلت العناية المركزة وإذا بذاك السرير الأبيض ليس عليه أحد ، أين صاحب السرير ؟ قالوا : في ثلاجة المستشفى توفي هذا الصباح ..
سمعتوا يا شباب ، سمعتوا على إيش يموتون الشباب ؟
الشاب في ثلاجة المستشفى توفي ، انتهت حياته ، لكن كيف انتهت ؟ انتهت وهو سكران ..
ذهبت وكنت من ضمن أولئك الذين يغسلون ذاك الشاب في مغسلة الموتى ، والله الذي لا إله إلا هو وأنا أنظر إلى ذاك الشاب أقول في نفسي : لو كان يعلم أنه سيموت والله ما يتعاطى المخدرات ، والله ما يتعاطى المسكرات لو أنه يعلم أنه سيقع عليه ذاك الحادث ، هكذا فارق الحياة الدنيا ، أليس لنا به عظة وعبرة يا شباب ..
يوم من الأيام يتصل بي مدير أحد السجون في بلادنا الحبيبة التي أسأل الله عز وجل أن يديم علينا أمننا وأماننا ، يتصل علي مدير السجن ويقول : يا شيخ تكفى تعال لنا ، عندنا سجين في قضية قتل ، له أربعة أيام لا يتكلم مع أحد ولا يأكل ولا يشرب ، وفي حالة نفسية لا يعلمها إلا فاطر السماوات ، قلت له : أبشر ، اليوم الثاني رحت للسجن فتحت لي الأبواب ، دخلت تلك الزنزانة ، رأيت ذاك الشاب عمره ستة وعشرين أو سبعة وعشرين سنة ، سلمت عليه ، أخذت أحادثه ، أخاطبه كأني أكلم جماد ، لا يتكلم معي ولا ينظر إلي ، متضجر ضَجِر ، نفسية عجيبة جداً ، أخذت أذكره بالله عز وجل ، يا فلان تب إلى الله ، ارجع إلى الله ، كلمني وش قضيتك ؟ باب التوبة مفتوح ، لا تقنط من رحمة الله ، أخذت أتكلم معه كلام طويل كثير ، لا فائدة كأني أكلم جماد ، هممت في نفسي قلت أخرج وأمري وأمره إلى الله عز وجل ، وإذ بإيحاء داخلي في نفسي يقول : يا أبو علي اقرأ عليه كلام الله ، الله عز وجل يقول : " لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "
أخذت أقرأ على ذاك الشاب آيات من كتاب الله ، أخذت أقرأ عليه قول الله عز وجل : " الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "
شفتوا المخدرات وين توصل ؟ شفتوا طريق المخدرات وين يودي ؟ يودي إلى القتل وإلى الهلاك .. من قتل ؟ قتل ابنه وبنته وزوجته هذا طريق المخدرات ..
يا شباب يوم من الأيام بعد إحدى الكلمات يأتيني شاب ، وإذا بذاك الشاب حزين ، أسيف ، به من الضنك والهم ما الله به عليم ، ثم يقول : يا شيخ عندي قضية في بيتي ، أتمنى أن تساندني وتساعدني فيها ، قلت : وش عندك ؟ قال : يا شيخ عندي أخوي تخرج من الثانوي وجالس في البيت ، وعندي أختي أيضاً متخرجة من الجامعة وفي البيت ، يا شيخ يوم من الأيام أخوي استدرج أختي حتى خلا بها في مكان في البيت ، ثم أخذ يحدث أختي عن قضايا الحب والحنان والمشاعر والأحاسيس ، يقول : أنا أحبك ، أنا أموت فيك ، الأخت تنظر إلى أخوها نظرة تعجب وأسف وحسرة وألم وكمد ، تنظر إلى أخوها يعقل أن أخي هو الذي يبادرني بهذه الكلمات ! فجأة وإذا بذاك الأخ ينقلب وحش ، ثم يحتضن أخته ويريد أن يمارس معها الفاحشة أجارني الله وإياكم ، يقول : أخذت أختي تصرخ تصرخ حتى أطلقها ذاك الشاب ، ثم أخذت تهرول في البيت تعدو في حالة نفسية عجيبة ، يا شيخ أخوي هرب من البيت ، وأختي الآن في حالة نفسية عجيبة لا يعلمها إلا فاطر السماوات ، يا شيخ أبوي يقول : أقسم بالله لأقتله ، لأتخلص منه ، وأمي أيضاً في حالة نفسية عجيبة ، بيتنا يا شيخ يعاني من هم وألم أفدنا وأرشدنا ..
وبعد مداولات اتضح أن محمد مدمن حشيش ، عرفتوا ليش سوى كذا ؟ شفتوا طريق المخدرات وين توصل ؟ والله القصص في هذا كثيرة جداً ..
ننتقل إلى جانب مشرق يا شباب ، لأن قلوب الشباب مليئة بالخير ، الخير في قلوب الشباب عظيم شيء عجيب يا شباب ، والله يا شباب التائبين كثر ، التائبين كثير ، عندما يسمعون المواعظ والقصص وكلام الله يحيا الإيمان في قلوبهم يعودون إلى الله ، يا شباب لو تبنا ورجعنا إلى الله وش الجائزة ؟ وش العطية ؟
واحد يقول : يا شيخ أنا خربتها أنا مخدرات وحشيش وحبوب وزنا ولواط وحب وغرام ، يا شيخ ، الله يقبلني لو عدت ؟ إيه الله يقبلك ، الله يقبلك بل والله يعطيك كرامات ويعطيك أشياء أنت ما تتوقعها ..
يا شباب خلونا نرجع بالذاكرة إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ذاك النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما من خير إلا بينه لهذه الأمة ، كيف كان صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه ، والله ما رباهم إلا على الطاعة وعلى الإيمان وعلى الخوف من الله عز وجل ..
في يوم من الأيام يستدير صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة ، فيسأل الصحابة _ يحيي في قلوب الصحابة الطاعات والتنافس على الخيرات _ يستدير صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة ، فيقول : من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، من عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله , قال : من تصدق منكم اليوم بصدقة ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : من شيع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، قال : ما اجتمعت في عبد إلا أدخلته الجنة ، هكذا ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ..
يأتي أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقول : يا رسول الله مد يدك أبايعك _ يريد أن يختبره صلى الله عليه وسلم _ على ماذا تبايعني ؟ قال : أبايعك على أن يأتيني سهم غرب ( أي طائش ) فيدخل من هاهنا ويخرج من هاهنا ، فيقول صلى الله عليه وسلم : اصدق الله يصدقك الله ، فتأتي المعركة ، ويغنم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم ، فيأتي عند ذاك الأعرابي ويعطيه حصته من الغنيمة ، فيأتي عند النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : يا رسول الله والله ما على هذا بايعتك ، فيقول : على ماذا بايعتني ؟ قال : بايعتك على أن يأتيني سهمٌ غرب فيدخل من هاهنا ويخرج من هاهنا ، فيقول صلى الله عليه وسلم : اصدق الله يصدقك الله ، تعود المعركة فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد الجرحى والقتلى ، ويأتي عند ذاك الأعرابي وينفض الغبار من على وجهه وقد أتاه ذاك السهم قد دخل من هاهنا وخرج من هاهنا ، فيقول صلى الله عليه وسلم : أفلح الوجه ( أي فاز ونجا ) ، أفلح الوجه ، صدق الله فصدقه الله ، صدق الله فصدقه الله ، هكذا عاش جيل الصحابة ، هكذا رباهم محمد صلى الله عليه وسلم ..
يقول أنس بن مالك : خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، وفي الطريق نجد شاب من الأنصار _ اسمع أسألك بالله اسمع أيها الشاب مواصفات ذاك الشاب _ ، يقول أنس بن مالك : خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم وفي الطريق وجدنا ذاك الشاب ، يسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأله صلى الله عليه وسلم ويقول له كيف أصبحت ؟ فيقول أصبحت مؤمناً حقاً يا رسول الله _ يختبره النبي صلى الله عليه وسلم مرة ثانية _ ، إن لكل شيء حقيقة وإن لما زعمت من إيمان حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟ قال : يا رسول الله حقيقة إيماني علمت أن هذه الدنيا زائفة زائلة تزول وتنتهي وتنقضي ، فأظمأت نهاري وقمت ليلي ، يا رسول الله تمثلت عرش الرحمن أمامي ، يا رسول تمثلت أهل الجنة وهم يتزاورون فيها ، وتمثلت أهل النار وهم يتعاوَوْن فيها فهذه حقيقة إيماني ، قال صلى الله عليه وسلم : بصرت فالزم ، عرفت هذه الحقيقة فالزمها حتى تلقى الله ، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينصرف فيناديه ذاك الشاب ويقول : يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة ..
_ ما سأل الدنيا وطول البقاء ، ما سأل الدنيا ومناصبها وأموالها وإنما سأل الآخرة _ ادع الله لي بالشهادة ، يرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء ويقول : " اللهم أبلغه مراده ، اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك " ، وما هي إلا أيام وليالي حتى يسمع ذاك الشاب الأنصاري يا خيل الله اركبي ، فكان أول من استشهد في غزوة بدر ، أول من استشهد في غزوة بدر ، يعود النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة منتصرون من غزوة بدر ، فيلقى الجيش ، ويلقى النبي صلى الله عليه وسلم أم ذاك الشاب الأنصاري ، تأتي عند النبي صلى الله عليه وسلم وتقول : يا رسول الله أومات حارثة ؟ أوستشهد حارثة ؟ فيقول صلى الله عليه وسلم : نعم يا أم حارثة ، فتقول : يا رسول الله أوحارثة في الجنة فأفرح وأهنأ وأقبل العزاء فيه ؟ أم أن حارثة في النار فأبكيه ما بقيت حياتي الدنيا ؟ فيقول صلى الله عليه وسلم : يا أم حارثة ، يا أم حارثة إنها جنةٌ في جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى منها ، إنها جنةٌ في جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى منها ..
يا شباب القلوب فيها خير عظيم ، وقد يقول قائل منكم : يا شيخ ، أنا عندي ذنوب ، أنا عندي معاصي ، أنا صاحب مخدرات ومسكرات وحب وغرام وهيام ، يا شيخ ، أنا ما أصلي ، أنا ما أصوم ، أنا ما أعرف الله ، الله يقبلني ؟ إيه الله يقبلك ، الله يقبلك ويبدل سيئاتك حسنات ، ذنوب ثلاثين أو عشرين أو خمسة وعشرين سنة يبدلها بإذن الله عز وجل مع الصدق بالتوبة والإنابة والعودة والعزم على عدم الرجوع إلى ذاك الذنب والمعصية والله الله يبدلها حسنات بإذن الله ..
اسمعوا هذه القصة ، قصة شاب تاب وعاد ورجع إلى الله عز وجل ، أسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياه ..
يقول لي أحد التائبين : أنا كنت مسرف على نفسي في المعاصي والذنوب ، مخدرات ، مسكرات ، زنا ، لواط ، بُعْد ، يقول عندي سيارة ددسن 82 مصقعة من كل جهة ، يقول : أنا أسكن في حي من أحياء هذه البلاد الطيبة الطاهرة ، يقول : عندنا في الحي تاجر من كبار التجار والأثرياء ، عنده أموال لا يعلمها إلا الله ، يقول : ذاك التاجر عنده في بيته بنت ، فتاة عمرها عشرين سنة ، هواية هذه الفتاة كل يوم تطلع في سيارة آخر موديل ، وتفر في الشوارع هوايتها استعراض ، يقول : الشباب عن يمينها وعن يسارها يستعرضون جنبها ، وتسبب زحمة و مواقف في الخط ، يقول : كل يوم أجي جمبها في الددسن مصقعة من كل جهة وأناظرها وأتَّرْيق عليها شوي وأمشي ، كل يوم على هذا الحال ، كل يوم على هذا الحال ، يقول ذاك الشاب : توقفت يوم من الأيام وجلست مع نفسي جلسة محاسبة ، يا فلان إلى متى ذنوب ؟ إلى متى معاصي ؟ إلى متى مخدرات ؟ إلى متى مسكرات ؟ إلى متى بُعْد ؟ إلى متى غي ؟ يقول : عندها قلت في نفسي والله اليوم أتوب ، أرجع إلى الله عز وجل ، يقول : دخلت مسجد حينا وجلست مع شباب صالحين من أبناء حينا ، يقول : وإذ بالإيمان يحيا في قلبي ، حسيت براحة وطمأنينة وسكينة عجيبة وسعادة لا يعلمها إلا الله ، يقول : أول أسبوع من أسابيع توبتي يتصلون علي العيال ، يا فلان تعال لنا في الاستراحة مستضيفين أحد المشايخ ، تعال معنا نسمر ونتعشى ونسمع تلك الموعظة وبعدها كل واحد منا يرجع على بيته ، يقول ذاك الشاب : رسَّمْت شخَّصْت وتطيَّبْت ونزلت على الددسن أشغلها وبأخرج أروح للشباب في الاستراحة ، يقول ذاك الشاب : وأنا خارج من ذاك الحي لا بد أمر من أمام هذا القصر الذي فيه تلك الفتاة ، يقول : مريت من أمام القصر وإذا أبواب القصر مفتوحة ، وإذا بتلك الفتاة لابسة قصير ، وناثرة شعرها ، وفي كامل زينتها ، وتناظرني وتقول لي : تعال .. هو أنزل القزازة وآخذ الرقم ؟ لاااااا ، تقول : تعال مارس معي اللي تبي ، يقول : أنا أصدق وأكذب ، توي مالي في الاستقامة أسبوع ، يعقل أن هذه الفتاة تقول تعال ! من اللي يطول هذه الفتاة ! يقول : انهزمت أمام شهوتي ، والله نسيت إني مطوع ، يقول : أخذت أبي أسفط السيارة وأنزل لتلك الفتاة ، يقول : وأنا مرتبك كذا تأتي يدي على الشريط في المسجل ، ويشتغل الشريط وإذا بها آيات من كلام الله عز وجل ، اسمعوا إيش سمع ذاك الشاب ، سمع قول الله عز وجل : " الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * " يقول ذاك الشاب : سمعت هذه الآيات فعلمت أنها رسالة من الله ، يا فلان تبغى تكون مطوع وثوب قصير وصاحب لحية ومع الشباب الصالحين محاضرات وندوات ولا تأتيك هذه الفتنة ! لا ، لابد من الفتنة ، يقول : عندها استيقظ الإيمان في قلبي ، ومشيت وتركت هذه الفتاة ورحت للاستراحة ، يقول : والله إني جالس مع الشباب في الاستراحة إن عندي شعور داخلي إني أسعد مخلوق على وجه هذا الكون ، لأني تركت شيء من أجل الله ..
يا شباب القصة ما انتهت ، هنا ابتدأت القصة ، لما تركها الشاب ومشى ، البنت أخذت تأكل وتشرب معها ، كيف أنادي هذا اللي ما يسوى ريالين وسيارة مصقعة من كل جهة وفقير ومعدوم الحال وأناديه وما يجيني ! أكيد فيه سر ، أخذت تبحث عن ذاك الشاب ، تبحث عن أرقام تليفوناته وجوالاته ، وكل ما اتصلت على ذاك الشاب قفل السماعة في وجهها وغير رقمه ، وأخذت البنت تبحث تبحث ( كيدهن عظيم ) ، تبحث عن ذاك الشاب لا فائدة ، في الأخير قررت تلك الفتاة أن تتعرف على أخت ذاك الشاب ، وبالفعل كونت مع أخته علاقة وصداقة حميمة ، ولما تمكنت تلك الصداقة ، أخذت تلك الفتاة تقنع شقيقة ذاك الشاب أن يكلمها وأن يحادثها ، قالت : تكفين أبيك تتوسطين لي عند أخوك يكلمني دقيقة واحدة بس ، أبي أسأله سؤال واحد فقط ، تكفين واللي يرحم والديك ، قامت أخت ذاك الشاب وأخذت تقنعه وتقنعه وتقنعه ، يا فلان كلمها حرام عليك ، أنت معذبها عذاب شديد ، كلمها بس دقيقة أو دقيقتين وقفل السماعة وانتهينا ، اقتنع ذاك الشاب ، قال : خليها تدق علي في الوقت الفلاني ، دقت تلك الفتاة على ذاك الشاب ، قالت : يا فلان أنا ما أريد أن أكوِّن معك علاقات ، أنا ما أريد منك أي شيء في الدنيا ، لكن ما أريد منك إلا أعرف سبب واحد ، ليش أنا يوم أناديك تركتني ورحت ، ليش تركتني ورحت ؟ ! قال ذاك الشاب : تبغين الحقيقة ؟ قالت : إي والله ، ثم ذكر لها القصة كما ذكرتها لكم ، ورتل لها الآيات كما رتلتها لكم ، وإذا بتلك الفتاة تنهمر في بكاء عجيب ، يقول ذاك الشاب : والله إني أشفقت عليها من شدة بكاءها ، وإذا بتلك الفتاة تقول : يا أخي ، يا شيخ أشهد الله ثم أشهدك أني تائبة إلى الله ، ثم تابت تلك الفتاة وحَسُنت توبتها ، يقول ذاك الشاب : مضت الأيام والليالي ، وبعد أشهر إذا جوالي يرن ، أرد وإذا بتلك الفتاة تقول : يا فلان أنا عرفت السعادة على يديك ، أنا عرفت التوبة على يديك ، والله ما أتزوج إلا أنت ، استغرب ذاك الشاب يُعقل أنا أتزوج تلك الفتاة الثرية صاحبة المال والثراء ؟ ! أنا ما عندي مهر ولا وظيفة ولا سيارة ولا بيت ، قالت : الدنيا عندي والآخرة بإذن الله عندك ، والله ما أتزوج إلا أنت ، اليوم الفلاني تجينا أنت وأبوك وتخطبني من أبوي ، يقول ذاك الشاب : وافقت ورحبت وأصدق وأكذب ما أعظم الله ، يقول : أخذت أبوي ودخلنا ، وأنا أبغى أدخل مع باب القصر إذا دموعي تنهمر على خدودي ، ينظر إلي أبوي يقولي : ليش تبكي في يوم فرح ؟ فيقول : يا أبوي يوم من الأيام كانت هذه القدم ستحملني إلى هذا القصر من أجل أن أعصي الله ، يا أبتي ها أنا اليوم أدخل إلى هذا القصر من أجل أن أخرج بزوجة على سنة الله ورسوله ، وفعلاً تزوج الشاب بتلك الفتاة ، وأصبح صاحب قصر وصاحب مال وسيارة جديدة وزوجة وأولاد وهو من الدعاة إلى الله ، وهي من الدعاة إلى الله عز وجل أيضاً ..
إيش اللي تغير ؟ إيش اللي تغير ؟
اللي تغير " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ "
اسمع يا صاحب الذنب والمعصية إذا أطعت الله إيش يعطيك الله ، اسمع إيش يعطيك الله عز وجل
اسمع هذه الآية أسألكم بالله تسمعونها بقلوبكم يا شباب ، الله عز وجل يقول في التوجيه لي ولك : " يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "
الله عز وجل يخاطبك أنت ويقول يا أيها الذين آمنوا ( إن ) شرطية ، وش الشرط ؟ تتقوا الله
إيش الجائزة ؟ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانا ، إيش فرقانا ؟ إيش معناتها ؟ والله ما من خير في الدنيا ولا في الآخرة إلا وهو في فرقانا ، نور ، رزق ، زوجة ، وظيفة ، مال ، حياة طيبة في الدنيا ، وبإذن الله جنة في الآخرة ، بس أنت قدم الشرط ، قدم التوبة ، قدم الطاعة ، قدم العودة والرجوع والإنابة ، واسجد بين يدي الله وقل يا رب أنا مذنب ، أنا مخطئ ، أنا أعترف بذنوبي وبأخطائي ، لا يغفر الذنوب إلا أنت اللهم اغفر لي ..
الله يخيبك ؟ لا والله ما يخيبك الله عز وجل ، بس من صدق الله صدقه الله عز وجل ..
يا شباب أما آن ؟ أما آن أن نرجع ؟ أما آن أن نستغفر الله عز وجل ؟ إلى متى ذنوب ؟ إلى متى معاصي ؟ إلى متى غفلة ؟ إلى متى بُعْد عن الله عز وجل ؟ أما آن لنا أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى ؟ أما آن لنا أن نعود إلى الله سبحانه وتعالى ؟ بلى والله يا أحبتي آن ..
أسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يحقق لي ولكم توبةً صادقة ، اللهم تب علينا يا حي يا قيوم ، اللهم ارزقنا توبةً صادقةً نصوحا لا نعود بعدها لا إلى ذنب ولا إلى معصية ، اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتجاوز عنا واغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا "
وأخذت أقرأ وأقرأ ، وإذا بذاك الشاب ينفجر بالبكاء ثم يحتضني ، ويقول : يا شيخ الله يقبل توبتي ؟ الله يغفر لي ويرحمني ؟ قلت ومن يردك ؟ الله عز وجل يقول : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
اسمع إلى قول الله عز وجل : " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "
إيه الله يقبلك بس أقبل أنت على الله : " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ "
أخذ أحبتي الكرام يبكي بكاء عجيب ، وإذ بذاك الشاب يقول : قصتي يا شيخ ، قصتي يا شيخ : إني كنت أتعاطى المخدرات والحبوب الأبيض الكبتاجون تحديداً ، يا شيخ كنت ستة أيام ، سبعة أيام ما أنام ، مدمن على هذه الحبوب ، يا شيخ عندما تمكن الشيطان من قلبي ، أخذ يوسوس لي ويقولي : زوجتك قاعدة تخونك مع أصحابك وزملائك وإخوانك ، عندي ولد وبنت ، أخذ الشيطان يقولي : بنتك وولدك أبناء زنى وسفاح ليسوا أبناءك ، تمكن الشيطان من قلبي أخذت أعتصر وأتألم وأتوجع ، زوجتي خائنة ! أولادي أولاد زنى وسفاح ! يقول : وبعد مداولات وصراع أخذت المسدس وقتلت زوجتي وولدي وبنتي !
أحبتي الكرام والله سنُسأل ، سنُسأل عن هذه النعم يقول الله عز وجل : " وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ " ..
عن ماذا سنسأل يا الله ؟ " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " ..
والله كما تسمعون ..
هكذا عاش محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده ، هكذا عاشوا قلوبهم معلقة بالله عز وجل ، قلوبهم مليئة بحب الله عز وجل ، يا شباب النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم يدخل الجنة إلا من أبى قالوا ومن يأبى يا رسول الله فقال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " ..
هذه والله هي الحقيقة أحبتي الكرام ..
fatoom- مشرفة
- عدد المساهمات : 1247
نقاط : 8481
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
خاص للزوار
تردد1:
(0/0)
أسألة الزوار:
(50/50)
ddddddkkkkkkk:
مواضيع مماثلة
» نصراني يتصل على الشيخ محمد العريفي اسمع للنهاية
» اسمع يا من لا تستطيع الثبات مؤثر الشيخ خالد الراشد
» اسمع يا من لا تستطيع الثبات مؤثر الشيخ خالد الراشد
» اسمع يا من لا تستطيع الثبات مؤثر الشيخ خالد الراشد
» اسمع يا من لا تستطيع الثبات مؤثر الشيخ خالد الراشد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى