هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من صفحة 1ألى ص20 من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني

اذهب الى الأسفل

من صفحة 1ألى ص20  من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني Empty من صفحة 1ألى ص20 من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني

مُساهمة من طرف المدير السبت مارس 31, 2012 11:25 pm

رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار
محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني

مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : فإن الله تبارك وتعالى قد جعل بحكمته لكل شيء سببا ولكل أمر سمى أجلا وقدر كل شيء تقديرا حسنا وكان من ذلك أنني هاجرت بنفسي وأهلي من دمشق الشام إلى عمان في أول شهر رمضان سنة ( 1400 ) فبادرت إلى بناء دار لي فيها آوي إليها ما دمت حيا فيسر الله لي ذلك بمنه وفضله وسكنتها بعد كثير من التعب والمرض أصابني من جراء ما بذلت من جهد في البناء والتأسيس ولا زلت أشكو منه شيئا قليلا والحمد لله على كل حال والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ولقد كان أمرا طبيعيا أن يصرفني ذلك عما كنت اعتدته في دمشق من الانكباب على العلم دراسة وتدريسا وتأليفا وتحقيقا لا سيما ومكتبتي الخاصة لا تزال في دمشق لم أتمكن من ترحيلها إلى عمان الصعوبات وعراقيل معروفة فكنت أعلل نفسي كل يوم وأمنيها بأن المياه عما قريب ستعود إلى مجاريها ولكن الرياح كثيرا ما تجري بخلاف ما يشتهي الملاح فإنه ما كاد بعض إخواننا في الأردن يشعرون بأنني استقررت في الدار حتى بدؤوا يطلبون مني أن أستأنف إلقاء الدروس التي كنت ألقيها عليهم في السنين الماضية قبل هجرتي إلى عمان حيث كنت أسافر إليها في كل شهر أو شهرين فألقي عليهم درسا أو درسين في كل سفرة وألحوا علي في الطلب وعلى الرغم من أنني ما كنت عازما على شيء من الإلقاء لأوفر ما بقي لي من نشاط وعمر لإتمام بعض مشاريعي العلمية - وما أكثرها - رأيت أنه لا بد من أحقق طلبتهم ورغبتهم الطيبة فوعدتهم خيرا وأعلنت لهم أنني سألقي عليهم درسا كل يوم خميس بعد صلاة المغرب في دار أحد إخواننا الطيبين هناك قريبا من داري . وتحقق ذلك بإذن الله تعالى فألقيت الدرس الأول ثم الثاني من كتاب ( رياض الصالحين ) للإمام النووي بتحقيقي وأجبتهم بعد الدرس عن بعض أسئلتهم الكثيرة المتوفرة لديهم والتي تدل على تعطشهم ورغبتهم البالغة في العلم ومعرفة السنة .
وبينما أنا أستعد لإلقاء الدرس الثالث إذا بي أفأجأ بما يضطرني اضطرارا لا خيار لي فيه مطلقا إلى الرجوع إلى دمشق حيث لم يبق لي فيها سكن وذلك أصيل نهار الأربعاء في 19 شوال سنة 1401 ه فوصلتها ليلا وفي حالة كئيبة جدا وأنا أضرع إلى الله تعالى أن يصرف عني شر القضاء وكيد الأعداء فلبثت فيها ليلتين وفي الثالثة سافرت بعد الاستشارة والاستخارة إلى بيروت مع كثير من الحذر والخوف لما هو معروف من كثرة الفتن والهرج والمرج القائم فيها والوصول إلى بيروت محفوف بالخطر ولكن الله تبارك وتعالى سلم ويسر فوصلت بيروت في الثلث الأول من الليل قاصدا دار أخ لي قديم وصديق وفي حميم فاستقبلني بلطفه وأدبه وكرمه المعروف وأنزلني عنده ضيفا معززا مكرما . جزاه الله خيرا .
فلما استقر في منزله قراري وارتاح من وعثاء السفر بالي كان من الطبيعي جدا أن أهتبل فرصة هذه الغربة الطارئة فأتوجه بكليتي إلى الدراسة والمطالعة في مكتبته العامرة الزاخرة بالكتب المطبوعة منها والمخطوطة النادرة فرغبت منه أن يطلعني على فهرست المخطوطات والمصورات التي في حوزته مسجلة على البطاقات فاستجاب لذلك بكل نفس طيبة وأريحة إسلامية منه معروفة أحسن الله إليه وجزاه خيرا .
فأخذت في البطاقات نظرا وتقليبا عما يكون فيها من الكنوز بحثا وتفتيشا حتى وقعت عيني على رسالة الإمام الصنعاني تحت اسم ( رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار ) . في مجموع رقم الرسالة فيه ( 2619 ) فطلبته فإذا فيه عدة رسائل هذه الثالثة منها . فدرستها دراسة دقيقة واعية لأن مؤلفها الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى رد فيها على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ميلهما إلى القول بفناء النار بأسلوب علمي رصين دقيق ( من غير عصبية مذهبية . ولا متابعة أشعرية ولا معتزلية ) كما قال هو نفسه رحمه الله تعالى في آخرها . وقد كنت تعرضت لرد قولهما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) في المجلد الثاني منه ( ص 71 - 75 ) بمناسبة تخريجي فيه بعض الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة التي احتجا ببعضها على ما ذهبا إليه من القول بفناء النار وبينت هناك وهاءها وضعفها وأن لابن القيم قولا آخر وهو أن النار لا تفنى أبدا وأن لابن تيمية قاعدة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار وكنت توهمت يومئذ أنه يلتقي فيها مع ابن القيم في قوله الآخر فإذا بالمؤلف الصنعاني يبين بما نقله عن ابن القيم أن الرد المشار إليه إنما يعني الرد على من قال بفناء الجنة فقط من الجهمية دون من قال بفناء النار وأنه هو نفسه - أعني ابن تيمية - يقول بفنائها وليس هذا فقط بل وأن أهلها يدخلون بعد ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار وذلك واضح كل الوضوح في الفصول الثلاثة التي عقدها ابن القيم لهذه المسألة الخطيرة في كتابه ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ) ( 2/167 - 228 ) وقد حشد فيها ( من خيل الأدلة ورجلها وكثيرها وقلها ودقها وجلها وأجرى فيها قلمه ونشر فيها علمه وأتى بكل ما قدر عليه من قال وقيل واستنفر كل قبيل وجيل ) كما قال المؤلف رحمه الله ولكنه أضفى بهذا الوصف على ابن تيمية وابن القيم أولى به وأحرى لأننا من طريقه عرفنا رأي ابن تيمية في هذه المسألة وبعض أقواله فيها وأما حشد الأدلة المزعومة وتكثيرها فهي من ابن القيم وصياغته وإن كان ذلك لا ينفي أنه تلقى ذلك كله أو جله من شيخه في بعض مجالسه فما عزاه إليه صراحة فهو الأصل في ذلك وما لم يعزه فلا ولذلك جريت فيما يأتي على التنبيه على ما لم يعزه إليه صراحة لأن من بركة العلم أن يعزى كل قول لقائله . وليس العكس كما هو معروف عند العلماء . وإن مما يؤيد هذا أن ابن القيم رحمه الله تعرض لهذا البحث مطولا أيضا في كتابه ( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ) بنحو ما في ( الحادي ) كما تراه في ( مختصر الصواعق ) للشيخ محمد بن الموصلي ( ص 218 - 239 ) فلم يذكر فيه ابن تيمية مطلقا وكذلك رأيته فعل في ( شفاء العليل ) ( ص 252 - 264 ) إلا أنه قال في آخرها :
( وكنت سألت عنها شيخ الإسلام قدس الله روحه فقال لي : هذه المسألة عظيمة كبيرة ولم يجب فيها بشيء . ومضى على ذلك زمن حتى رأيت في تفسير عبد بن حميد الكشي بعض تلك الآثار ( يعني أثر عمر الآتي في أول الكتاب ) فأرسلت إليه الكتاب وهو في مجلسه الأخير وعلمت على ذلك الموضع وقلت للرسول : قل له هذا الموضع يشكل عليه ولا يدرى ما هو ؟ فكتب فيها مصنفه المشهور رحمة الله عليه ) . فهذا مما يدل على أنه من الممكن أن يكون تلقاه كله عنه ولكن لا نقول به إلا في حدود ما نص هو عليه أنه من كلام ابن تيمية نفسه رحمهما الله تعالى في ( الحادي ) أو في غيره أن وجد .
وقد وقفت في مخطوطات المكتب الإسلامي على ثلاث صفحات في ورقتين بخط لعله من خطوط القرن الحادي عشر نقلها كاتبها الذي لم يكشف عن هويته من رسالة ابن تيمية رحمه الله في الرد على من قال بفناء الجنة والنار .
وهذه الورقات الثلاث جمعها أخي المحقق زهير الشاويش من دشت مخطوطات عنده . وانظر صورها في الصفحات ( 53 - 55 ) وهذا نصها :
( قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى - في رسالة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار ما نصه :
( وأما القول بفناء النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف والنزاع في ذلك معروف عن التابعين ومن بعدهم وهذا أحد المأخذين في دوام عذاب من يدخلها .
فإن الذين يقولون : أن عذابهم له حد ينتهي إليه ليس بدائم كدوام نعيم الجنة قد يقولون : إنها قد تفنى وقد يقولون : إنهم يخرجون منها فلا يبقى فيها أحد .
لكن قد يقال : إنهم لم يريدوا بذلك أنهم يخرجون مع بقاء العذاب فيها على غير أحد .
وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم .
وروى عبد بن حميد - وهو من أجل علماء الحديث - في تفسيره المشهور قال :
( أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن البصري قال : قال عمر : ( لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه ) .
وقال : أخبرنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن : أن عمر بن الخطاب قال : ( لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه ) . ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : { لابثين فيها } .
وهذا يبين أن مثل هذا الشيخ الكبير من علماء الحديث والسنة يروي عن مثل هؤلاء الأئمة في الحديث والسنة مثل سليمان بن حرب الذي هو من أجل علماء السنة والحديث ومثل حجاج بن منهال كلاهما عن حماد بن سلمة - مع جلالته في العلم والسنة والدين - يروي من وجهين من طريق ثابت ومن طريق حميد هذا عن الحسن البصري - الذي يقال : أنه أعلم من بقي من التابعين في زمانه - يروى عن عمر بن الخطاب وإنما سمعه الحسن من بعض التابعين سواء كان هذا قد حفظ هذا عن عمر أو لم يحفظه كان مثل هذا الحديث متداولا بين هؤلاء العلماء الأئمة لا ينكرونه وهؤلاء كانوا ينكرون على من خرج عن السنة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة والجهمية وكان أحمد بن حنبل يقول : أحاديث حماد بن سلمة هي الشجا في حلوق المبتدعة .
فهؤلاء من أعظم أعلام أهل السنة الذي ينكرون من البدع ما هو دون هذا لو كان هذا القول عندهم من البدع المخالفة للكتاب والسنة والإجماع كما يظنه طائفة من الناس وعبد بن حميد ذكر هذا في تفسير قوله تعالى : { لابثين فيها أحقابا } ليبين قول من قال : أن الأحقاب لها أمد تنفد ليست كالرزق الذي ما له من نفاد . ولا ريب أن من قال هذا القول : عمر ومن نقله عنه إنما أراد بذاك جنس أهل النار الذين هم أهلها .
فأما قوم أصيبوا بذنوب فأولئك قد علم هؤلاء وغيرهم بخروجهم منها وأنهم لا يلبثون فيها قدر عدد رمل عالج ولا قريبا من ذلك والحسن كان يروي حديث الشفاعة في أهل التوحيد وقد ذكره البخاري ومسلم عنه وكذلك حماد بن سلمة كان يجمعها ويحدث الناس بها وكذلك سليمان بن حرب وأمثاله فهذا عندهم لا يقال فيه مثل هذا ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ).
وقوله : ( يخرجون فيه ) أي يخرجون من جهنم بعد أن يفنى عذابها وينفد وينقطع فهم لا يخرجون منها بل هم خالدون في جهنم كما أخبر الله لكن انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا فلم يبق فيها عذاب وذلك أن العالم لا يعدم وجهنم في الأرض والأرض لا تعدم بالكلية لكن فناؤها بتغير حالها واستحالتها من حال إلى حال قال تعالى : { كل من عليها فان } وهم لا يعدمون بل يموتون ويهلكون وكما قال تعالى { ما عندكم ينفد وما عند الله باق } فإذا أنفذه الرجل فقد نفد ما عنده وإن كان لم يعدم بل انتقل من حال إلى حال ) . انتهى .
وقال فيها أيضا :
( والفرق بين بقاء الجنة والنار عقلا وشرعا أما شرعا فمن وجوه :
أحدها : أن الله أخبر ببقاء نعيم الجنة ودوامه وأنه لا نفاد له ولا انقطاع في غير موضع من كتابه كما أخبر أن أهل الجنة لا يخرجون منها وأما أهل النار وعذابها فلم يخبر ببقاء ذلك بل أخبر أن أهلها لا يخرجون منها .
الثاني : أنه أخبر بما يدل على أنه ليس بمؤبد في عدة آيات .
الثالث : أن النار لم يذكر فيها شيء مما يدل على الدوام .
والرابع : أن النار قيدها بقولها : { لابثين فيها أحقابا } وقوله : { خالدين فيها إلا ما شاء الله } وقوله : { خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } فهذه ثلاث آيات تقتضي قضية مؤقتة أو معلقة على شرط وذاك دائم مطلق ليس بمؤقت ولا معلق .
الخامس : قد ثبت أنه يدخل الجنة من ينشئه الله لها ويدخلها من دخل النار أولا ويدخلها الأولاد بعمل الآباء . فثبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خيرا وأما النار فلا يعذب أحد إلا بذنوبه فلا يقاس هذه بهذه .
السادس : أن الجنة من مقتضى رحمته ومغفرته والنار من عذابه وقد قال : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم } وقال تعالى : { اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم } وقال تعالى : { إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم } .
فالنعيم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته فيجب دوامه بدوام معاني أسمائه وصفاته .
وأما العذاب فإنما هو من مخلوقاته والمخلوق قد يكون له انتهاء مثل الدنيا وغيرها لا سيما مخلوق خلق لحكمة يتعلق بغيره .
الوجه السابع : أنه قد أخبر أن رحمته وسعت كل شيء وأنه ( كتب على نفسه الرحمة )
( صحيح ) وقال : ( سبقت رحمتي غضبي )
و( غلبت رحمتي غضبي ) وهذا عموم وإطلاق فإذا قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة .
الثامن : أنه قد ثبت مع رحمته الواسعة أنه حكيم إنما يخلق لحكمة كما ذر حكمته في غير موضع فإذا قدر أنه يعذب من يعذب لحكمة كان هذا ممكنا كما يوجد في الدنيا العقوبات الشرعية فيها حكمة وكذلك ما يقدره من المصائب فيه حكمة عظيمة فيها تطهير من الذنوب وتزكية للنفوس وزجر لها في المستقبل للفاعل ولغيره يجنبها غيره والجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب ولهذا قال في الحديث الصحيح : ( إنهم يحبسون بعد خلوصهم من الصراط على قنطرة بين الجنة والنار فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ) . والنفوس الشريرة الظالمة التي لو ردت إلى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نهيت عنه لا تصلح أن تسكن دار السلام التي تنافي الكذب والظلم والشر فإذا عذبوا بالنار عذابا يخلص نفوسهم من ذلك الشر كان هذا معقولا في الحكمة كما يوجد في تعذيب الدنيا وخلق من فيه شر يزول بالتعذيب من تمام الحكمة .
أما خلق نفوس تعمل الشر في الدنيا والآخرة لا يكون إلا في العذاب فهذا تناقض يظهر فيه من مناقضة الحكمة والرحمة ما لا يظهر من غيره ولهذا كان من الجهم لما رأى ذلك ينكر أن يكون الله أرحم الراحمين وقال : بل يفعل ما يشاء . والذين سلكوا طريقته كالأشعري وغيره ليس عندهم في الحقيقة له حكمة ورحمة لكن له علم وقدرة وإرادة لا ترجح أحد الجانبين . ولهذا لما طلب منهم أن يقروا بكونه حكيما فرده بأنه عليم إذ قد يراد : يريد وليس من الثلاثة ما يقتضيه الحكمة وإذا ثبت أنه حكيم رحيم وعلم بطلان قول الجهم تعين إثبات ما تقتضيه الحكم والرحمة .
وما قاله المعتزلة أيضا باطل فقول القدرية المجبرة والنفاة في حكمته ورحمته باطل ومن أعظم ما غلطهم اعتقادهم تأبيد جهنم فإن ذلك يستلزم ما قالوه وفساد اللازم يستلزم فساد الملزوم . انتهى ) .
وأنت ترى في هذه الصفحات المنقولة عن رسالة ابن تيمية شبها كبيرا فيما جاء فيها من الأمور بكلام ابن القيم في ( الحادي ) الذي نقل المؤلف خلاصات منه ورد عليها - مع فارق من حيث الإيجاز والبسط من جهة . وعدم تعرضه لكثير من المسائل والأحاديث والأدلة من جهة أخرى وإن كان من الممكن أن يقال : أن من الجائز أن يكون ابن تيمية قد تعرض لذلك أيضا في ( رسالته ) ولكن كاتب تلك الصفحات اختصرها كما يدل عليه قوله في أولها عن ابن تيمية : ( وأما القول بفناء النار ) . وقول الكاتب في آخر ثلث الصفحة الثانية من الثلاث : ( انتهى ) وكذا قال في آخر الثالثة أيضا . والله أعلم .
ولقد كان أملي كبيرا في أن أجد رسالة ابن تيمية هذه محفوظة في ( مجموع الفتاوى ) التي جمعها الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم في خمس وثلاثين مجلدا ولكني - مع الأسف - لم أجد لها أثرا في شيء منها بعد تقليبي لها كلها والاستعانة على ذلك بالفهارس التفصيلية الموضوعة لها وكان أقوى ظني أن يوردها تحت عنوان ( التخليد ) الموضوع في ( الفهرس ) ( 1/139 ) ولكن دون جدوى أو في ( تفسير سورة هود ) في آيتي الاستثناء فيها لكني لم أرها مع أنه أشار إليهما في فهرس السورة ( 1/291 ) فلما رجعت إلى المكان الذي أشار إليه ( 15/104 ) لم أجد فيه سوى إشارة ابن تيمية إلى الآيتين بقوله : ( ثم ذكر حال الذين سعدوا والذين شقوا ثم قال . . . ) أو في آية ( الأنعام 128 ) من تفسير هذه السورة ولكنها مما لا وجود له فيه مطلقا . أو في تفسير ( النبأ ) آية { لابثين فيها أحقابا } والقول فيه كالقول في الذي قبله إلا أنه قد أشار في ( الفهرس ) ( 1/345 ) أنها في موضعين من ( المجموع ) الأول في ( 16/194 - 197 ) والآخر في ( 18/307 ) ومع ذلك فليس للآية ذكر فيهما مطلقا نعم في الموضع الأول ( ص 197 ) ما يدل ظاهر كلامه أنه يقول بخلود الكفار في النار . ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى في ( سورة الأعلى ) : { ثم لا يموت فيها ولا يحيى } . ولكنه لا ينافي قوله بفناء النار لأن له أن يقيده بقوله : ما لم تفن كما فعل بكثير من الآيات الصريحة بالخلود بل والخلود الأبدي كما سترى ذلك مع رد المؤلف عليه في الرسالة إن شاء الله تعالى .
لكنه في الموضع الآخر قد صرح بخلاف ذلك وأن النار لا تفنى صراحة فقد جاء في الصفحة المشار إليها منه ما نصه :
( وسئل عن حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سبعة لا تموت ولا تفنى ولا تذوق الفناء : الناس وسكانها واللوح والقلم والكرسي والعرش ) فهل هذا الحديث صحيح أم لا ؟
فأجاب : هذا الخبر بهذا اللفظ ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام بعض العلماء . وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات مما لا يعدم ولا يفنى بالكلية كالجنة والنار والعرض وغير ذلك ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين . . . ) .
قلت : والظن بمن هو دون ابن تيمية علما ودينا أن لا يخالف سلف الأمة وأئمتها ولم لا وهو حامل راية الدعوة إلى أتباعهم والسير على منهجهم والتحذير من مخالفتهم والخروج عن سبيلهم كما لا يخفى ذلك على كل من اطلع على شيء من كتبه وتغذى بطرف من علمه لا سيما والنص في معنى ما ذكره محفوظ عن الإمام أحمد إمام السنة فقد ذكر في آخر كتابه ( الرد على الزنادقة ) وقد حكى عن الجهمية قولهم بفناء الجنة والنار فرده عليهم بشطريه وذكر آيات كثيرة في بقاء الجنة ودوامها . ثم قال في رد قولهم بفناء النار :
( وذكر الله تعالى أهل النار فقال :
{ لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها } . [ فاطر/36 ] . وقال :
{ أولئك يئسوا من رحمتي } . [ العنكبوت/23 ] . وقال :
{ ولا ينالهم الله برحمته } . [ الأعراف/ 49 ] . وقال :
{ ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون } . [ الزخرف/77 ] . وقال :
{ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } . [ إبراهيم /21 ] . وقال :
{ خالدين فيها أولئك هم شر البرية } . [ البينة/6 ] . وقال :
{ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب } . [ النساء/56 ] . وقال :
{ كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } [ السجدة/30 ] . وقال :
{ إنها عليهم مؤصدة } . [ الهمزة/8 ] ) .
هذا كله مما احتج به الإمام أحمد رحمه الله تعالى على القائلين بفناء النار وعدم دوامه وقد نقل عنه شارح قصيدة الإمام ابن القيم : ( الكافية الشافية ) ( 1/97 ) أنه قال :
( والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف ذلك فهو مبتدع ) .
ونحوه قول ابن حزم في ( الملل والنحل ) ( 4/83 ) :
( اتفقت فرق الأمة كلها على : أنه لا فناء للجنة ولا لنعيمها ولا للنار ولا لعذابها إلا جهم بن صفوان . . . ) .
وفي ( العقيدة الطحاوية ) ( ص 420 - بشرحها طبع المكتب الإسلامي ) :
( والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ) .
ثم رأيت ابن حزم قد أورد المسألة أيضا في كتابه ( مراتب الإجماع ) فقال ( ص 173 ) :
( . . . وأن النار حق وأنها دار عذاب أبدا لا تفنى ولا يفني أهلها أبدا بلا نهاية ) .
وأقره شيخ الإسلام أحمد بن تيمية خلافا لغيرها من المسائل التي تعقبه فيها .
ومن العجيب أن هذا القول بعدم فنائها هو مما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله كما يدل عليه ظاهر كلامه في كتابه ( الروح ) ( ص 34 - طبعة صبيح ) بل ذلك ما صرح به في بعضه كتبه .
1 - قال في ( الكافية الشافية ) :
ثمانية حكم البقاء يعمها من الخلق والباقون في حيز العدم
هي : العرش والكرسي ونار وجنة وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم
2 - وأصرح منه ما كنت نقلته عنه في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) في كتابه ( الوابل الصيب ) ( ص 26 ) قال ما نصه :
( وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشيء لتراكب بعضه على بعضه ثم يجعله في جهنم مع أهله فليس فيها إلا خبيث . ولما كان الناس على ثلاث طبقات : طيب لا يشوبه خبث . وخبيث لا طيب فيه . وآخرون فيهم خبث وطيب . كانت دورهم ثلاثة :
دار الطيب المحض .
ودار الخبث المحض .
وهاتان الداران لا تفنيان .
ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة ولا يبقى إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض .
3 - تصريحه في مقدمة كتابه العظيم : ( زاد المعاد في هدى خير العباد ) بأن المشرك لا تطهره النار ولو أخرج منها عاد خبيثا كما كان وقد حرم الله عليه الجنة .
وسيذكر المؤلف رحمه الله نص كلامه في ذلك في أول الرسالة ( ص 63 ) .
فإن قيل : إن بعض الآيات التي احتج بها الإمام أحمد رحمه الله هي على الأقل قطعية الدلالة في ديمومة عذاب الكفار وعدم فناء النار كقوله تعالى : { لا يخفف عنهم من عذابها } وقوله : { إنكم ماكثون } وقوله : { ما لنا من محيص } وغير ذلك من الآيات التي تأولها ابن القيم وأخرجها عن دلالتها على عدم الفناء مما سيأتي ذكره في الرسالة ورد المصنف عليه . وكذلك بعض الأحاديث الصحيحة تدل دلالة قاطعة على ذلك ولا بأس من أن أذكر الآن بعضها :
الأول : حديث أنس الطويل في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه :
( صحيح ) ( فأخرجهم فأدخلهم الجنة فما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن . أي وجب عليه الخلود ) . رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في ( ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم ) . ( 804 - 810 ) .
الثاني : حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال : بخطاياهم فأماتهم الله تعالى إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة . . . ) الحديث .
أخرجه مسلم ( 1/118 ) وغيره وهو مخرج في ( سلسلة الأحاديث الصحيحة ) ( 1551 ) . وفي رواية عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية : { لا يموت فيها ولا يحيى } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه إلا أنه قال : ( وأما الذين ليسوا من أهل النار فإن النار تميتهم . . . . ) . ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية من رواية أبي حاتم كما في ( مجموع الفتاوى ) ( 16/195 ) .
ووجه دلالة الحديث أنه صرح تبعا للقرآن أن الكافر لا يموت في النار ولا يحيى فإذا قيل بأن النار تفنى فإما أن يقال : تفنى بمن فيها كما هو المتبادر إن قيل بفنائها أو تفنى لوحدها دون من فيها وكلاهما باطل لأن معنى الآية كما في ( تفسير ابن كثير ) : ( أن الكافر لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه بل هي مضرة عليه ) . فإن فني الكافر معها فقد مات واستراح . وإن حيي دونها فقد استراح منها أيضا . وكل هذا باطل بداهة فإذا انضم إلى ذلك القول بأنه يدخل الجنة فهو أبطل .
الثالث : حديث ذبح الموت بين الجنة والنار وقد جاء عن جمع من الصحابة كابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم في ( الصحيحين ) وغيرهما فلنذكر حديثين منها :
أحدهما : عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( صحيح ) ( يدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول : يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه ) .
أخرجه الشيخان .
والآخر : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( يؤتى بالموت يوم القيامة فيوقف على السراط فيقال : يا أهل الجنة فيطلعون خائفين وجلين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه فيقال : هل تعرفون هذا ؟ قالوا : نعم هذا الموت قال : فيؤمر فيذبح على الصراط ثم يقال للفريقين كلاهما : خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا ) .
أخرجه ابن ماجه بإسناد جيد كما قال المنذري وصححه ابن حبان ( 2614 ) وأحمد ( 2/261 ) .
قلت : ففي الحديث دلالة قاطعة على بطلان دعوى فناء النار لأنه جعلها كالجنة من حيث خلود أهلها فيما هم فيه من العذاب إلى الأبد فكما أن الجنة لا تفنى أبدا فكذلك النار لا تفنى أبدا وكل ذلك واضح بين إن شاء الله تعالى .
بعد هذا أعود فأقول : عن ما تقدم من الآيات والأحاديث صريحة في الدلالة على بطلان القول بفناء النار فكيف ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وانتصر له تلميذه ابن قيم الجوزية ؟
فأقول : إن أحسن ما أجد في نفسي من الجواب عنهما إنما هو أنه لما توهما أن بعض الصحابة قد ذهبوا إلى ذلك وهم قدوتنا جميعا لو صح ذلك عنهم رواية ودراية ولم يصح كما سيأتي بيانه عند المؤلف الصنعاني رحمه الله واقترن مع ذلك غلبة الخوف عليهما من الله { ولمن خاف مقام ربه جنتان } والشفقة على عباده تعالى من عذابه وغمرهما الشعور بسعة رحمته وشمولها حتى للكفار منهم وساعدهما على ذلك ظواهر بعض النصوص ومفاهيمها فأذهلهما ذلك عن تلك الدلالة القاطعة وقالا ما لم يقل أحد قبلهما وما أرى لهما شبها في هذا إلا ذلك المؤمن الذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار ليضل عن ربه فلا يقدر على تعذيبه زعم كما قال صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله : إذا مات فحرقوه ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال : لم فعلت هذا ؟ قال : من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر الله له ) .
أخرجه الشيخان وغيرهما عن جمع من الصحابة منهم أبو هريرة وهذا لفظه عند مسلم ( 8/97 ) وسيأتي عن ابن يتيمة وغيره أنه متواتر في التعليق ( 97 ) .
فهذا الرجل أنساه خوفه من ربه قدرته تعالى على إعادة خلقه وهي معلومة يقينا { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم . قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } [ يس/78 79 ] .
فما أشبه ابن تيمية به من حيث أنه غفل عن المعلوم يقينا أيضا وهو أن النار باقية لا تفنى إلا أن الحامل له على ذلك إنما كان ثقته البالغة في رحمة ربه وعوه وأنها وسعت كل شيء دون ما استثناء ووافق ذلك منه خلقا كريما وطبع رحيما جبله الله عليه عرف به بين أصحابه ولا أدل على ذلك مما كتب به إليهم من سجنه الظالم في مصر :
( فلا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه فإني قد أحللت كل مسلم وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسه والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي . . . أسأل الله أن يتوب عليهم وأنتم تعلمون هذا من خلقي . . . ) . انظر ( مجموع الفتاوى ) ( 28/55 - 56 ) .
وساعده على ذلك ظواهر بعض الآيات والأحاديث التي لم يمعن النظر فيها فلم يتبين له خطأ استدلاله بها حتى استقر ذلك القول في نفسه وأخذ بمجامع لبه فصار يدافع عنه ويحتج له بكل دليل يتوهمه ويتكلف في الرد على الأدلة المخالفة له تكلفا ظاهرا خلاف المعروف عنه وتبعه في ذلك بل وزاد عليه تلميذه وماشطة كتبه - كما يقو ل البعض - ابن قيم الجوزية .
حتى ليبدو للباحث المتجرد المنصف أنهما قد سقطا فيما ينكرانه على أهل البدع والأهواء من الغلو في التأويل والابتعاد بالنصوص عن دلالتها الصريحة وحملها على ما يؤيد ويتفق مع أهوائهم كما سترى ذلك مفصلا في ( الرسالة ) هذه ( ص 116 - 122 ) حتى بلغ الأمر بهما إلى تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل المعتزلة تماما وقد تعلمنا من ابن تيمية وابن القيم - جزاهما الله خيرا - الرد عليهم في مثله فزعما أن عذاب النار سبب لإزالة آثار الخبث والنجاسة من الكفار فإذا تطهروا منها عادوا إلى فطرتهم الأولى فيزول العذاب ويبقى مقتضى الرحمة ) كما سيأتي ( ص 122 ) .
نقلا عن ابن القيم ومضى نحوه من كلام ابن تيمية . فتأمل معي في ذلك تجده كلاما خطابيا خياليا لا حقيقة تحته فإنه يفترض ذهاب تلك الخبائث وتلاشيها وزوال العذاب عن الكفار وهم في الدار الآخرة حيث لا تكليف فيها فإن من المعلوم يقينا أننا لو تخيلنا كافرا تاب إلى ربه وأناب إليه حينما رأى العذاب بأم عينيه أنه لا يفيده ذلك شيئا بالإجماع فكيف ينفعه شيء وهو لم يتب وهو في العذاب محترق ؟ تالله إنها لإحدى الكبر أن يخفى مثل هذا على أحد من المسلمين فكيف بشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم الهمام ونحن دائما نغترف من بحر علومهما ونستضيء بنور أدلتهما في إزالة الشكوك والأوهام في كثير مما اختلف فيه الناس قديما وحديثا وعلى سبيل المثال المناسب للحال أذكر هنا ملخصا فتوى لابن تيمية جاءت في ( مجموع الفتاوى ) ( 4/324 ) :
( سئل الشيخ رحمه الله تعالى : هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك ؟ ) .
فأجاب :
( لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث بل أهل الحديث متفقون على أن ذلك كذب مختلف وإن كان قد روي بإسناد فيه مجاهيل وأمثال هذه المواضع فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذبا كما نص عليه أهل العلم فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين :
1 - من جهة إحياء الموتى :
2 - ومن جهة الإيمان بعد الموت .
ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع قال الله تعالى : { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما . وليس التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار } . [ النساء/17 18 ] .
فبين الله تعالى أنه لا توبة لمن مات كافرا . وقال تعالى : { فلم يك ينفعهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون } [ غافر/85 ] فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس فكيف بعد الموت ؟ ) .
قلت : فمن يفتي بهذا كيف يعقل أن يقول بنقيضه لولا الذهول الذي نوهت عنه بل إنه زاد على ذلك فقال ابن تيمية فيما تقدم من رسالته ( ص 13 ) :
( ولو قدر عذاب لا آخر له لما يكن هناك رحمة البتة )
ويا سبحان الله أين هو من مثل قوله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } [ الأعراف/156 ] وقوله صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فيها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة ) . أخرجه الشيخان وكذا أحمد والحاكم وصححه من طرق عن أبي هريرة بلفظ : ( فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة ) .
وله بعض الشواهد خرجتها معه في ( سلسلة الأحاديث الصحيحة ) رقم 1634 ) .
فالآية الكريمة والحديث الشريف صريحان في أن الرحمة إنما هي للذين يستحقونها من المؤمنين كلما كان المؤمن لله أتقى كلما كان بها أحظى وليس الأمر كما يرجو بعض المهابيل من الذين يترنمون بقول شاعرهم البوصيري
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
كيف هذا وربنا يقول : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروق وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطعيون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } [ التوبة/71 ] ويقول : { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم } . [ البقرة/218 ] ولذلك كان من دعاء الملائكة الذين يحملون العرش : { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } [ غافر/7 ] . فكل من وقاه الله تبارك وتعالى عذاب الجحيم فهو منغمس في رحمة الله يومئذ كما هو صريح قوله عز وجل : { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرت بعد إيمانكم فذقوا العذاب بما كنتن تكفرون . وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون } [ آل عمران /106 و107 ] .
فكيف يقول ابن تيمية :
( ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة ) فكأن الرحمة عنده لا تتحقق إلا بشمولها للكفار المعاندين الطاغين أليس هذا من أكبر الأدلة على خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة ؟ فغفرانك اللهم
ولعل ذلك كان منه إبان طلبه للعم وقبل توسعه في دراسة الكتاب والسنة وتضلعه بمعرفة الأدلة الشرعية في الوقت الذي كان يحسن الظن بابن عربي الصوفي القائل بأن عذاب الكفار في النار لا يستمر بل ينقلب عليهم إلى عذوبته يتلذذون بها كما في ( حادي الأرواح ) ( 2/168 ) فلما تبين له حاله رجع عنه كما تحدث بذلك هو نفسه فقال كما في ( مجموع الفتاوى ) ( 2/464 - 465 ) :
( وإنما كنت قديما ممن يحسن الظن بابن عربي ويعظمه لما رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثير من ( الفتوحات ) ( والدرة الفاخرة ) و( مطالع النجوم ) ونحو ذلك ولم نكن بعد أطلعنا على حقيقة مقصودة ولم نطالع ( الفصوص ) ونحوه . . . ) .
ومثله جزمه بحياة الخضر عليه الصلاة والسلام مع إبطاله لحديث ( لو كان الخضر حيا لزارني ) وقوله : بل المروي في ( مسند الشافعي وغيره أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن قال إنه لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ما لا علم له ) . ذكر له ذلك في فتوى له تجد نصفها في ( المجموع ) ( 4/338 - 340 ) أنظر ( 10/46 ) .
فإن المعروف عنه رحمه الله أنه يقول بموت الخضر عليه السلام كما هو قول كثير من الأئمة كالإمام البخاري وقد صرح بذلك في كثير من رسائله وفتاويه فقال في ( زيارة بيت المقدس ) ( 27/18 ) :
( وكذلك الذي يرون الخضر أحيانا هو جني لبس على المسلمين الذي رأوه وإلا فالخضر الذي كان مع موسى عليه السلام مات ولو كان حيا على عهده رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويؤمن به ويجاهد معه . . . ولم يذكر أحد من الصحابة أنه رأى الخضر ولا أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة كانوا أعلم وأجل قدرا من أن يلبس الشيطان عليهم ولكن لبس على كثير ممن بعدهم . . . ) .
وقال في موضع آخر ( 27/100 ) .
( والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت وأنه لم يدرك الإسلام ولو كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لوجب أن يؤمن به ويجاهد معه . . . وإذا كان الخضر حيا دائما فكيف لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قط ولا أخبر به أمته ولا خلفاؤه الراشدين ؟ ) .
قلت : حتى ولا ذكر ذلك لأمين سره حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فمن ذا الذي يدعي بعد ذلك أنه علمه ما لم يعلم هؤلاء الأجلة العظماء رضي الله عنهم .
وقد صرح ابن تيمية بموت الخضر في مواطن أخرى كثيرة فانظر مثلا ( 1/249 ) من ( المجموع ) أليس في ذلك دليل واضح على أن فتواه الأولى بحياة الخضر كانت في أول أمره ولا سيما وقد احتج لها بحديث الشافعي وهو موضوع كما هو مبين في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) برقم ( 5204 ) فيه القاسم بن عبد الله العمري قال أحمد : ( كان يكذب ويضع الحديث ) .
ومن ذلك أنه كان يفتي بنجاسة الزيت ونحوه إذا وقعت فيه نجاسة مثل الفأرة الميتة كما هو مذهب الشافعي وغيره اعتمادا منه على حديث أبي داود : ( إن كان جامدا فألقوها وما حولها وكلوا سمنكم وإن كان مائعا فلا تقربوه ) .
فلما تبين له أن قوله فيه : ( وإن كان مائعا فلا تقربوه ) ضعيف رجع عنه إلى القول : بعدم التفريق بين المائع والجامد وأن العبرة في كل ذلك إنما هو التغير فقال في فتوى له :
( وهذا هو الذي تبين لنا ولغيرنا ونحن جازمون بأن هذه الزيادة ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك رجعنا عن الإفتاء بها بعد أن كنا نفتي بها أولا فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ) ( مجموع الفتاوى 21/515 - 516 ) .
ونحوه رجوع عن بعض أحكام المناسك التي كان قلد فيها من قبله من العلماء كما قال في ( منسكه ) ( المجموع 26/98 ) .
ولا غرابة في أن يكون لمثله أكثر من قول واحد في بعض المسائل وأن يخطئ في بعض آخر فإن ذلك من الأمور الطبيعية التي لا يخلو منها أحد من العلماء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن من المعلوم أن أحدهم كلما طال به الزمن في طلب العلم وتقدم به في ذلك العمر كلما ازداد به معرفة ونضجا وهذا هو السبب في كثرة الأقوال التي تروى في المسألة الواحدة عن بعض الأئمة المتبوعين وبخاصة منهم الإمامين أحمد وأبا حنيفة وتميز الإمام الشافعي من بينهم بمذهبه القديم والجديد . وهذا أبو الحسن الأشعري - إمام الأشاعرة في العقيدة - نشأ في الاعتزال أربعين عاما يناظر عليه ثم رجع عن ذلك وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( المجموع ) ( 4/72 ) .
وقد صرح بهذه الحقيقة الإمام أبو حنيفة رحمه الله حين نهى أبا يوسف عن تقليده فقال له :
( ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد ) .
ولذلك تتابعت أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم في النهي عن تقليدهم وجرى في ذلك على سننهم كل من جاء بعدهم من العلماء المحققين من أمثال ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى وجريت أنا على هذا الذي خططوه لنا في كل ما تبين من العلم كما تراه موضحا في مقدمة ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) .
وهذا هو السبب الذي يحملني على أن لا أحابي في ذات الله أبا أو أداري في دين الله أحدا فترانا هنا نرد على شيخ الإسلام ابن تيمية قوله بفناء النار ولا نداريه مع عظمته في نفوسنا وجلالته في قلوبنا فضلا عن أننا لا نقلده في ديننا خلافا لما عليه عامة المقلدة الذين يحملهم إجلالهم لإمامهم على تقليده ونبذ قول كل من خالف حتى ولو كان المخالف هو النبي محمدا صلى الله عليه وسلم بديل أن يتخذوه وحده قدوة ولا يشركوا معه في ذلك أحدا كما هو الواجب بل إنهم ليصرحون بخلاف ذلك كما قال أحدهم اليوم في كتيب له :
( أفلا يحق لنا أن نعتبر من واقع غيرنا ( يعني السلفيين ) فنثبت عند أقوال الإمام الذي يسر الله تعالى لنا الاقتداء به منذ أول نشأتنا ) .
ونحن نقول بقول رب العالمين في القرآن الكريم : { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } ؟ فأين أنت يا هذا من قوله تبارك وتعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } ؟ وغير ذلك من النصوص التي توجب على كل مسلم اتباعه صلى الله عليه وسلم دون سواه { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } ولكن { من لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .
وإذا كان هذا موقف المقلدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا يكون موقفهم من المحبين له المخلصين في الاقتداء به لا سيما إذا كان من العلماء العاملين المعروفين بالرد على كل من خالف شرعة رب العالمين كابن عربي وابن الفارض القائلين بوحدة الوجود وأن الخالق هو عين المخلوق وعلى غيرهم من علماء الكلام والمتصوفة والمقلدة وسائر الهالكين من الأنام ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإننا نرى المقلدة في كل عصر ومصر يعادونه أشد العداء لا سيما إذا عثروا له على قول خالف فيه العلماء كمسألتنا هذه فهناك تراهم يصولون ويجولون ومن عرضه ينالون وفي دينه يطعنون بل وبالكفر والضلال يصرحون كما يفعل الكوثري والحبشي وغيرهما اليوم وهم - مع الأسف - كثيرون ولكنهم غثاء كغثاء السيل لأنهم بالقرآن لا يعملون بل هن عنه يعدلون إلى تحكيم أهوائهم وإلا فأين هم من قوله تعالى : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } .
فهل من العدل في شيء أن يتخذوا شيخ الإسلام رحمه الله غرضا للتكفير والتضليل لقوله هذا ونحوه من الأقاويل ولا ينبسون ببنت شفة في حق ابن عربي مثلا الذي ملأ الدنيا بالكفريات والأضاليل وهلك بسببه الألوف المؤلفة من خاصة المسلمين فضلا عن عامتهم المهابيل فضلوا جميعا عن سواء السبيل مع البون الشاسع والفرق اللامع بين الرجلين فإن عربي ليس له ذكر ولا أثر في العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والفقه كما لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه الذي شهد بفضله وغزارة علمه القريب والبعيد والحبيب والبغيض فهم جميعا يغترفون من بحر علومه بأوفى نصيب فهو بحق كما قال السيد محمد رشد رضا رحمه الله تعالى :
( رحم الله شيخ الإسلام وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء فوالله إنه ما وصل إلينا من علم أحد منهم ما وصل إلينا من علمه : في بيان حقيقة هذا الدين وحقيقة عقائده وموافقة العقل السليم وعلومه للنقل الصحيح من كتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل لا نعرف أحدا منهم أوتي مثل ما أوتي من الحجج بين علوم النقل وعلوم العقل بأنواعها مع الاستدلال والتحقيق دون محاكاة أو تقليد ) .
وما لنا نذهب بعيدا فهناك بعض الأئمة المتقدمين ممن يقلدهم اليوم جماهير المسلمين ممن ذهب إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص مع مخالفة ذلك لأدلة الكتاب والسنة الصريحة وأقوال سلف هذه الأمة مما هو معروف ومبسوط في محله فلماذا مع ذلك يعتذر عنه بعض المقلدين وجمهورهم له يقلدون وعن ابن تيمية يزورن بل وله يعادون والحكم واحد فهلا ساقوهما مساقا واحدا واعتذروا عنهما كليهما بجامع كونهما من أفاضل العلماء الأتقياء أم الأمر كما قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بالذي يتبع عثرات العلماء وإنما هي الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون فينصفون ابن تيمية ولا يظلمون وإلا فإن من فضائل ابن تيمية التي حرمها المقلدة علما وعملا تحذيره عن تتبع زلات
avatar
المدير
Admin
Admin

عدد المساهمات : 1934
نقاط : 16508
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 21/01/2011
العمر : 52

خاص للزوار
تردد1:
من صفحة 1ألى ص20  من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني Left_bar_bleue100/0من صفحة 1ألى ص20  من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني Empty_bar_bleue  (100/0)
أسألة الزوار:
من صفحة 1ألى ص20  من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني Left_bar_bleue75/0من صفحة 1ألى ص20  من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني Empty_bar_bleue  (75/0)
ddddddkkkkkkk:

https://alhorani.ahladalil.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» من صفحة 20ألى ص45 من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
»  {باقي الكتاب} من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
» إصلاح المساجد من البدع والعوائد:تأليف علامة الشام محمد جمال الدين القاسمي..خرج أحادثه وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني
» فتنة التكفيرللشيخ المحدّث العلامة: محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-
» صفة الفتوى والمفتي والمستفتي للإمام أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي .تحقيق : محمد ناصر الدين الألباني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى