الأمانة – والعدل بين الزوجات
الأمانة – والعدل بين الزوجات
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا عباد الله اشكروا نعمة الله عليكم اشكروا نعمة الله عليكم اشكروا نعمة الله عليكم بهذا الأمن الوافر وهذه النعم السابقة فإن الله سبحانه وتعالى امتن على قريش بمثل هذا فقال تعالى ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ) اشكروا نعمة الله عليكم بما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به ففي كتاب الله موعظة للمؤمنين وشفاء لما في صدور المؤمنين إن كتاب الله عز وجل إذا تلاه التالي بتدبر وتعبد لله وإخلاص له فإنه يزداد بذلك إيمانا ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون) إن المؤمن كلما تلى كتاب الله وصدق بما أخبر الله وقام بما أوجب الله وترك ما حرم الله فإن ذلك لاشك يزداد به إيمانا وقربا من الله عز وجل أيها المسلمون إن كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يتركا شيئا ينفع الناس في دينهم ودنياهم إلا حثا عليه وأمرا به فإن الدين الإسلامي إنما جاء لتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتركها واجتنابها وإن من ما جاء به هذا الدين الإسلامي هذه الأمانات التي كلفها الإنسان وحملها بعد أن امتنع من حملها السماء والأرض يقول الله عز وجل ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملناها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) فما ابرمك أيها الإنسان وما أجهلك تعرض الأمانة تعرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فتمتنع عن حملها ثم تحملها أنت أيها الإنسان ولكن كيف حملتها إنك حملتها بما أعطاك الله من أمرين عظيمين أحدهما العقل الذي تفرق به بين الضار والنافع وبين الحق والباطل والثاني الإرادة والتصرف فإن الإنسان مريد متصرف يختار ما يشاء ويترك ما يشاء ولكن اختياره وتركه واقع بمشيئة الله عز وجل وخلقه وتدبيره استمع إلى قول الله تعالى )وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ) واستمع إلى قول الله عز وجل )فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) وَإن الله تعالى أتم ذلك أتم ذلك بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون حجة للناس على الله من بعد الرسل ولقد كان أفضلهم وأتمهم شرعا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) أتدرون يا عباد الله أتدرون متى وأين نزلت هذه الآية الكريمة إنها نزلت يوم عرفة ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واقف بعرفة ففي هذا شرف الزمان وشرف المكان وشرف الموضوع لهذه الآية الكريمة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فنسأل الله تعالى أن يرزقنا شكر هذه النعمة العظيمة اللهم ارزقنا شكر هذه النعمة العظيمة . عباد الله إن الأمانة مسؤولية عظيمة إنها عبء ثقيل على غير من خففه الله عليه إنها أي الأمانة التزام الإنسان بالقيام بحق الله تعالى وحق عباده على الوجه الذي شرعه الله مخلصا لله متبعا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي كذلك التزام بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير ولا إفراط كما تحبوا أن يقوموا بحقك فقم بحقهم والمؤمن هو الذي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه أيها الإخوة إن الله تعالى أمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها وإذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل كما قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) وإن الناس اليوم على أبواب الاختبارات التي يختبر بها التلاميذ لينظر ماذا حصلوا في عامهم الدراسي وإن هذه الاختبارات أمانة وحكم فهي أمانة حين وضع الأسئلة وأمانة حين المراقبة وحكم حين التصحيح أمانة حين وضع الأسئلة فيجب على واضعي الأسئلة يجب عليهم أن يراعوا أحوال الطلبة وأن لا يأخذوا بالأعلى ولا بالأدنى بل بالمتوسط لا يأخذوا بالأعلى فيعجزوا التلاميذ ولا بالأدنى فيهملوا التلاميذ ولكن في الوسط وخير الأمور الوسط وكذلك هي أمانة حين المراقبة على التلاميذ فإن من المراقبين من يهمل ولا يبالي تجده يقف مع صاحبه يتحدثان طول ساعة الاختبار ولا يلتفت واحد منهما إلى التلاميذ ولا ينظر وهذا لا شك إضاعة للأمانة إضاعة لمسئولية عظيمة حملها هذا المراقب فإذا لم يقم بحقها فإنه مسئول عنها يوم القيامة أما كونها حكما فإن الإنسان إذا تسلم أوراق الإجابة فإن التلاميذ أمامه كأنهم خصوم كل يدلي بحجته فعليه أن يحكم بالعدل عليه أن لا يحابي صديقا ولا قريبا ولا غنيا ولا شريفا ولا وجيها وعليه كذلك أن لا يراعي فقيرا ولا ضعيفا ولا بعيدا ولا غير ذلك عليه أن يقوم بالعدل كما أمر الله به تبارك وتعالى فإقامة العدل واجبة على كل حال تجب على من تحب ومن لا تحب فمن استحق شيئا وجب إعطاءه إياه ومن لا يستحق شيئا وجب حرمانه منه أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن رواحه إلى اليهود في خيبر ليخلص عليهم الثمار والزروع ويضمنهم مال المسلمين منها فأراد اليهود أن يعطوه رشوة فقال رضي الله عنه منكرا عليهم تطعمونني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحمل من بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض أيها الإخوة تأملوا رحمكم الله هذا الكلام العظيم من هذا الصحابي الجليل كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من محبة أي إنسان ويبغض اليهود أشد من بغض القردة والخنازير حب بالغ للنبي صلى الله عليه وسلم وبغض شديد لليهود يصرح بذلك ثم يقول لهم لا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم فرضي الله عن عبد الله بن رواحة ورضي الله عن جميع الصحابة وألحقني وإياكم بهم في جنات النعيم إنه على كل شيء قدير . أيها الإخوة إن العدل لا يجوز أن يضيع بين عاطفة الحب وعاصفة البغض يقول الله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاءَ ِ بالقسط ولا يجرمنكم شنأن قوم على أن لا تعدلوا ) أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ويقول تعالى ( واقسطوا إن الله يحب المقسطين ) أي الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا عليه ويقول تعالى )وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) من هم القاسطون ؟ القاسطون هم الجائرون وهم من حطب جهنم والمقسطون هم العادلون وهم من أحباب الله وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال ) أخرجهما مسلم في صحيحه . فاتقوا الله عباد الله وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين اللهم وفقنا جميعا لأداء الأمانة وارزقنا الحكم بالعدل والاستقامة وثبتنا على الهدى وجنبنا أسباب الهلاك والردى إنك جواد كريم بر رؤف رحيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه و امتنانه واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وسلطانه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الذي أيده ببرهانه صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وأنصاره وأعوانه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
» إن من الأمانة
» وجوب أداء الأمانة عند اختبار الطلاب - بيان أن الدين النصيحة
» السؤال : ما حكم من يعقد مقارنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماماً؟