إن من الأمانة
إن من الأمانة
الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره هو الذي يقضي بالحق ويأمر بالعدل وهو السميع البصير وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله الذي قام بعبادة ربه ونصح أمته وبلغ البلاغ المبين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
عباد الله قال الله عز وجل (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) وقال سبحانه( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) عباد الله إن الأمانة مسئولية عظيمة إنها عبء ثقيل إلا على من خففها الله عليه إن الأمانة أن يلتزم الإنسان بالقيام بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصا له الدين تبعا في ذلك سيد المرسلين وإن الأمانة التزام بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير كما تحب أن يقوموا بحقك بأنه يجب أن تعطيهم حقوقهم والا كنت من المطففين الذين قال الله فيهم ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) أيها المسلمون إن الله أمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل فهذان أمران لا تقوم الأمانة الا بهما أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل وإننا الآن على أبواب اختبارات الطلبة من ذكور وإناث وإن الاختبارات أمانة، أمانة وحكم فهي أمانة حين وضع الأسئلة وأمانة حين المراقبة وهي حكم حين التصحيح هي أمانة حين وضع الأسئلة فيجب على واضع الأسئلة يجب عليه مراعاتها بحيث تكون على مستوى الطلبة المستوى الذي يبين به مدى تحصيل الطالب في عام دراسته بحيث لا تكون الأسئلة سهلة لا تكشف عن تحصيل ولا صعبة تؤدي إلى التعجيز والاختبارات أمانة، أمانة حين المراقبة فعلى مراقب الطلبة أن يراعي تلك الأمانة التي ائتمنته عليها إدارة المدرسة ومن وراءها وزارة أو رئاسة وفوق ذلك دولة بائتمانه عليها المجتمع كله فعلى المراقب أن يكون مستعينا بالله يقظا في رقابته مستعملا حواسه البصرية والسمعية والفكرية يسمع وينظر ويستنتج من الملامح والإشارات على المراقب أن يكون قويا لا تأخذه في الله لومه لائم يمنع أي طالب من الغش أو من محاولة الغش وذلك لأن تمكين الطالب من الغش خيانة ومعونة على الإثم والعدوان وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من غش فليس منا) إن تمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية إن المراقب إذا مكن أحدا من هؤلاء المهملين الفاشلين في دراستهم إذا مكنهم من الغش فأخذ هذا الغاش درجة نجاح يتقدم بها على الحريصين المجدين كان ذلك ظلما لهم بل هو ظلم للطالب الغاش نفسه وهو في الحقيقة أعني الطالب الذي مكن من الغش هو في الحقيقة مغشوش حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل بها على ثقافة ولا علم ليس له من ثقافته ولا علمه سوى بطاقة يحمل بها شهادة زيف لا حقيقة وإذا بحثت معه في أدنى مسالة مما تنبئ عنه هذه البطاقة لم تحصل منه على علم وإن تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة وللوزارة أو الرئاسة التي من وراءها وهي خيانة للدولة بل خيانة للمجتمع كله إن تمكين الطالب من الغش أو تلقينه الجواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع وهضم لحقه حيث تكون ثقافة المجتمع المتمثلة في هؤلاء المتخرجين مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق ويبقى مجتمعنا دائما في تأخر وفي حاجة إلى الغير وذلك لأن كل من نجح عن طريق الغش لا يمكن إذا رجع الأمر إلى اختياره أن يدخل مجال التعليم والتثقيف لانه يعلم أنه فاشل فيه وإن تمكين الطالب من الغش كما يكون خيانة وظلما من الناحية العلمية والتقديرية يكون كذلك خيانة وظلما من الناحية التربوية لأن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغا له هينا في نفسه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة إن على المراقب ألا يراعي شريفا لشرفه ولا قريبا لقرابته ولا غنيا لماله ولا فقيرا لفقره إن عليه أن يراقب الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور عليه أن يؤدي الأمانة كما تحملها لأنه مسئول عنها يوم القيامة وربما يقول المراقب الذي يخشى الله ويؤدي أمانته إنه إذا أدى واجب المراقبة إلى جانب من يضيع ذلك فإنه يرى بعض المضايقات وجوابنا على هذا أن نقول اتق الله اتق الله فيما وليت عليه وأقرأ قول الله عز وجل ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) فاصبر إن العاقبة للمتقين. أيها الاخوة إن الاختبارات حكم حين التصحيح فان المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة ويقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لان أجوبتهم بين يديه بمنزلة أجوبة الخصوم بين يدي القاضي فإذا أعطى طالبا درجات أكثر مما يستحق فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره هذا جور في الحكم وإذا كان الإنسان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هو دونهم إن من الأساتذة من لا يتقي الله في تقدير درجات الطلبة فيعطي أحدهم ما لا يستحق أما لأنه ابن صديقه أو ابن قريبه أو ابن شخص ذي شرف أو مال أو رئاسة أو إنه طالب ذكي يناقشه أثناء التدريس فيكون في نفسه عليه بعض الشئ فيحرمه ما يستحق من الدرجات وإن من الأساتذة من يمنع بعض الطلبة ما يستحق إما لعداوة شخصية بينه وبين الطالب وإما لعداوة شخصية بينه وبين أبيه أو لغير ذلك من الأسباب وهذا كله خلاف العدل الذي أمر الله به ورسوله فاقامة العدل واجبة في كل حال على من تحب وعلى من لا تحب فمن استحق شيئا وجب إعطاؤه ومن لا يستحق شيئا وجب حرمانه منه واقرءوا قول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) وتأملوا تأملوا هذا الحديث الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فلقد أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن رواحه إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم الثمار والزروع ويضمنهم ما للمسلمين منها فأراد اليهود أن يعطوه رشوة فقال رضي الله عنه منكرا عليهم تطعموني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس ألي يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنتم أبغض ألي من عتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي لكم وحبي إياه الا أعدل عليكم فقالوا بهذا قامت السموات والأرض) تأملوا أيها الاخوة تأملوا هذا الكلام العظيم من عبد الله بن رواحه رضي الله عنه كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من محبة أي إنسان ويبغض اليهود أشد من بغض القردة والخنازير حب بالغ لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبغض شديد لليهود يصرح بذلك رضي الله عنه ثم يقول لهم لا يحملني بغض إياكم وحبي إياه ألا أعدل عليكم رضي الله عن عبد الله بن رواحه وعن جميع الصحابة إن العدل أيها الأخوة لا يجوز أن يضيع بين عاطفة الحب وعاصفة البغض يقول الله عز وجل ( وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) ويقول جل وعلا في الجائرين ( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) وقال صلى الله عليه وسلم ( أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال ) أخرجهما مسلم فاتقوا الله عباد الله وكونوا وقوامين بالقسط شهداء لله اللهم انا نسألك أن توفقنا لأداء الأمانة وأن توفقنا للحكم بالعدل والاستقامة وأن تثبتنا على الهدى وتجنبنا أسباب الهلاك والردى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ....الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
» الأمانة – والعدل بين الزوجات
» وجوب أداء الأمانة عند اختبار الطلاب - بيان أن الدين النصيحة
» السؤال : ما حكم من يعقد مقارنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماماً؟