هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كلمة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في مسألة التكفير

اذهب الى الأسفل

كلمة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في مسألة التكفير Empty كلمة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في مسألة التكفير

مُساهمة من طرف Abdelmageed الثلاثاء يناير 10, 2012 5:44 pm


كلمة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في مسألة التكفير

سائل : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد: فلا يخفي عليكم ياشيخ الساحة الأفغانية التي تكثر فيها الجماعات والفرق الضالة التي استطاعت وللأسف التي استطاعت أن تبث أفكارها الخارجة عن منهج السلف الصالح في شبابنا السلفي الذي كان يجاهد في أفغانستان ومن هذه الأفكار تكفير الحكام وإحياء السنن المهجورة كالاغتيالات كما يدَّعون والآن بعد رجوع الشباب السلفي إلى بلادهم قاموا ببث ونشر هذه الآراء والشبه عند وعلمنا يا شيخ أنه قد حصل بينكم وبين إحدى الإخوان قبل عدة سنين مناقشة طويلة في مسألة التكفير وهذه الأشرطة تسجيلها غير واضح لذا نرجوا من فضيلتكم البيان في هذه المسألة وجزاكم الله خيرا.

الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: في الحقيقة أن مسألة التكفير ليس فقط للحكام ؛ بل وللمحكومين أيضاً هي فتنة قديمة، تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة، وهي المعروفة ب-(الخوارج).

والخوارج طوائف مذكورة في كتب الفرق، ومنها فرقة موجودة لا تزال الآن باسم آخر، وهو: (الإباضية).

وهؤلاء (الإباضية) كانوا إلى عهد قريب منطوين على أنفسهم، ليس لهم أي نشاط دعوي كما يقال اليوم، لكن منذ بضع سنين بدأوا ينشطون وينشرون بعض الرسائل وبعض العقائد التي هي عين عقائد الخوارج القدامى، إلا أنهم يتسترون ويتشيعون بخصلة من خصال الشيعة، ألا وهي التَقِية.

فهم يقولون: نحن لسنا بالخوارج، وأنتم تعلمون جميعا أن الاسم لا يغير من حقائق المسميات إطلاقا، وهؤلاء يلتقون في جملة ما يلتقون مع الخوارج تكفير أصحاب الكبائر.

الآن يوجد في بعض الجماعات الذين يلتقون مع دعوة الحق في اتباع الكتاب والسنة، ولكنهم الأسف الشديد يقعون في الخروج عن الكتاب والسنة من جديد وباسم الكتاب والسنة.

والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين في فهمي ونقدي:

أحدهما هو: ضحالة العلم؛ وقلة التفقه في الدين.

والأمر الآخر - وهو مهم جداً -: أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية، والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة، التي يعتبر كل من خرج عنها من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير ما حديث؛ بل والتي ذكرها ربنا عز وجل دليلا واضحا بيِّنا على أن من خرج عنها فيكون قد شاق الله ورسوله، أعني بذلك قوله عز وجل:﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].

الله عزوجل لأمر واضحٍ جدا عند أهل العلم لم يقتصر على قوله :﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾.لم يقل هكذا؛ وإنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين، فقال:﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].

إذًا اتباع سبيل المؤمنين وعدم اتباع سبيل المؤمنين أمر هام جداً إيجاباً وسلباً، فمن اتبع سبيل المؤمنين: فهو النّاجي عند رب العالمين، ومن خالف سبيل المؤمنين: فحسبه جهنم وبئس المصير.

من هنا ضلت طوائف كثيرة، وكثيرة جداً قديماً وحديثاً ، حيث أنهم لم يلتزموا سبيل المؤمنين ، وإنما ركبوا عقولهم، بل اتبعوا أهواءهم في تفسير الكتاب والسنة، ثم بنوا على ذلك نتائج خطيرة وخطيرة جداً، من ذلك الخروج على ما كان عليه سلفنا .

هذه الفقرة من الآية الكريمة: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لقد دندن عليها وأكدها عليه الصلاة والسلام تأكيداً بالغاً في غير ما حديث نبوي صحيح.

وهذه الأحاديث - التي أنا أشير إليها الآن وسأذكر بعضا منها مما يساعدني ذاكرتي- ليست مجهولة عند عامة المسلمين - فضلاً عن خاصتهم - لكن المجهول فيها هو أنها تدل على ضرورة التزام سبيل المؤمنين في فهم الكتاب والسنة .

هذه النقطة يسهو عنها الكثير من الخاصة فضلا عن العامة، فضلاً عن هؤلاء الذين عرفوا ب-(جماعة التكفير).

هؤلاء قد يكونون في قرارة نفوسهم صالحين وقد يكونون أيضا مخلصين، لكن هذا وحده غير كاف ليكون صاحبه عند الله عز وجل من الناجين المفلحين.

لا بد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين:

بين الإخلاص في النية لله عز وجل؛ وبين حسن الاتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فلا يكفي إذاً أن يكون المسلم مخلصاً وجاداً فيما هو في صدده من العمل بالكتاب والسنة والدعوة إليهما؛ فلا بد - بالإضافة إلى ذلك - أن يكون منهجه منهجاً سوياً سليماً.

فمن تلك الأحاديث المعروفة كما أشرت آنفاً حديث الفرق الثلاث والسبعين، ولا أحد منكم إلا وهو يذكره، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة" قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي".

نجد أن جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأولئك الذين سألوا عن الفرقة الناجية يلتقي تماماً مع الآية السابقة :﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فالمؤمنون المقصودون في هذه الآية الكريمة هم الأصحاب؛ أول ما يدخل في عموم الآية :﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ هم سبيل أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام.

فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الجواب عن ذاك السؤال عن الفرقة الناجية ما هي ما أوصافها قال: " هي التي تكون ما أنا عليه وأصحابي"، لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على قوله:" ما أنا عليه"، وقد يكون ذلك كافياً في الواقع للمسلم الذي يفهم حقاً الكتاب والسنة ؛ ولكنه عليه الصلاة والسلام كتحقيق عملي في قوله عز وجل في حقه : ﴿بالمؤمنين رءوف رحيم﴾ [التوبة: 128].

فمن رأفته ورحمته بأصحابه وأتباعه ِأنه أوضح لهم أن علامة الفرقة الناجية: هي التي تكون على ما كان عليه الرسول عليه السلام، وعلى ما عليه أصحابه من بعده.

فإذًا فلا يجوز للمسلم أن يقتصر في فهم للكتاب والسنة على الوسائل التي لا بد منها معرفة اللغة العربية، والناسخ والمنسوخ، وكل القواعد؛ لكن من هذه القواعد العامة

أن يرجع في كل ذلك إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنهم - كما تعلمون من كثير من الآثار ومن سيرتهم - أنهم كانوا أخلص لله عز وجل في العبادة، وأفقه منّا في الكتاب والسنة، إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي كانوا تخلّقوا بها.

هذا الحديث يلتقي مع الآية تماماً، حيث أنه ألمح عليه السلام في هذا الجواب أنه لا بد من الرجوع ليكون المسلم من الفرقة الناجية إلى ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

يشبه هذا الحديث تماماً حديث الخلفاء الراشدين، الذي ذكر في السنن من رواية العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: كأنها موعظة مُودّع فأوصنا يا رسول الله! قال: "أوصيكم بالسمع والطاعة، وإن ولي عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي،...." إلى آخر الحديث.

الشاهد من هذا الحديث، هو كالشاهد من جوابه عليه عن السؤال السابق، حيث حض أمته في أشخاص أصحابه أن يتمسكوا بسنته، ثم لم يقتصر على ذلك قال: "وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".

إذا لا بد لنا من أن ندندن دائماً وأبداً ؛ إذا أردنا أن نفهم عقيدتنا، أن نفهم عبادتنا، أن نفهم أخلاقنا وسلوكنا.

لا بد من أن نعود إلى سلفنا الصالح لفهم كل هذه الأمور التي لا بد منها للمسلم، ليتحقق فيه أنه من الفرقة الناجية.

من هنا ضلت طوائف قديمة وحديثة حينما لا يلتفتون إطلاقا إلى الآية السابقة، وإلى حديث الفرقة الناجية وإلى حديث سنة الخلفاء الراشدين من بعده عليه السلام ، فكان أمراً طبيعياً جداً أن ينحرفوا كما انحرف من سبقهم من المنحرفين عن كتاب الله، وسنة رسول صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف الصالح.

من هؤلاء : الخوارج قديما وحديثا.

أصل التكفير الذي ذر قرنه في هذا الزمان، الآية التي يدندنون حولها دائماً وأبداً ؛ ألا وهي قوله تبارك وتعالى:﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾[المائدة: 44]، ونعلم جميعا أن هذه الآية جاءت في خاتمتها بألفاظ ثلاثة، وهي: ﴿فأولئك هم الكافرون﴾، ﴿فأولئك هم الظالمون﴾ [المائدة: 45]، ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ [المائدة: 47].

فمن جَهْل الذين يحتجون بهذه الآية باللفظ الأول منها :﴿فأولئك هم الكافرون﴾: أنهم لم يُلِمّوا على الأقل ببعض النصوص التي جاء فيها ذكر لفظة (الكفر)، فأخذوا لفظة الكفر في الآية على أنها تعني الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام.

بينما الكفر في لغة الكتاب والسنة لا تعني هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ عل كثير من المسلمين، وهم بريئون من ذاك التكفير الذي يطبقونه على هؤلاء المسلمين.

شأن لفظة التكفير من حيث أنها لا تدل على معنى واحد - وهو الردة والخروج عن الملة شأن اللفظين الآخرين اللذين ذكرا في الآيتين الأخريين الفاسقين والظالمين، فكما أنه ليس كل من وُصف بأنه كفر لا يعني أنه ارتد عن دينه، كذلك لا يعني أن كل من وُصف بأنه ظالم أو فاسق بأنه مرتد عن دينه.

هذا التنوع في معنى اللفظ الواحد هو الذي يدل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب - لغة القرآن الكريم - كما هو معلوم.

من أجل ذلك كان من الواجب على كل من يتصدى بالحكم بما أمر الله عز وجل - لست أعني الآن الحكام - وإنما أعني أولئك الذين يصدرون الأحكام على المسلمين - سواء كانوا حكاماً أم محكومين - كان من الواجب على هؤلاء أن يكونوا على علم بالكتاب والسنة، و منهج السلف الصالح.

والكتاب لا يمكن فهمه - وكذلك ما ضم إليه - إلا بطريق معرفة اللغة العربية معرفة فاضية ( 21:48).

وقد يكون إنسان ما ليس عنده معرفة قوية أو تامة باللغة فيساعده في استدراك هذا النقص الذي قد يشعر به في نفسه حينما يعود إلى من قبله من العلماء، خاصة إذا كانوا من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية.

فالرجوع إليهم حينئذ قد يكون مساعدا له لاستدراك ما قد يفوته من المعرفة باللغة العربية وآدابها.

نعود الآن إلى هذه الآية: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾، هل من الضروري أن يكون هذا اللفظ:﴿ فأولئك هم الكافرون﴾، أنه يعني كفرا خروجا عن الملة؟ أم قد يعني هذا وقد يعني ما دون ذلك ؟.

هنا الدقة في فهم هذه الآية، هذا الآية الكريمة:﴿ فأولئك هم الكافرون﴾، قد تعني أي: الخارجون عن الملة؛ وقد تعني أنهم خرجوا عمليا عن بعض ما جاءت به الملة، الملة الإسلامية.

يساعدنا على ذلك قبل كل شيء ترجمان القرآن، ألا وهو عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه؛ لأنه سند الصحابة الذين اعترف المسلمون جميعاً - إلا من كان من تلك الفرق الضالة - على أنه كان إماما في التفسير؛ ولذلك سماه بعض السلف من الصحابة ولعله هو عبد الله ابن مسعود بترجمان القرآن.

هذا الإمام في التفسير والصحابي الجليل كأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماماً أن هناك أناساً يفهمون هذه الآية على ظاهرها دون التفصيل الذي أشرت إليه آنفا؛ وهو أنه: قد يكون أحيانا المقصود بالكافرين المرتدين عن دينهم وقد يكون ليس هو المقصود وإنما هو دون ذلك، فقال ابن عباس رضي الله عنه:" ليس الأمر كما يذهبون أو كما يظنون، وإنما هو كفر دون كفر".

ولعله كان يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين ، ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين: فقال: ليس الأمر كما قالوا، أو كما ظنوا، وإنما هو كفر دون كفر؛ كفر دون كفر.

هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الذي لا يمكن أن يُفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها آنفا في مطلع كلمة هذه .

أن كلمة (الكفر) ذُكرت في كثير من النصوص، مع ذلك تلك النصوص لا يمكن أن تُفسر بهذا التفسير الذي فسروا به الآية؛ أو لفظ الكفر الذي جاء في تلك النصوص لا يمكن أن يفسر بأنه يساوي الخروج من الملة، فمن ذلك مثلاً الحديث المعروف في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر".



قتاله كفر: عندي هو تفنن في الأسلوب العربي في التعبير لأنه لو قال قائل: سباب المسلم وقتاله فسوق يكون كلام صحيح، لأن الفسق هو المعصية، وهو الخروج عن الطاعة، لكن الرسول عليه السلام - باعتباره أفصح من نطق بالضاد قال:" سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر".

تُرى؛ هل يجوز أنا أن أفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث - "سباب المسلم فسوق" - بالفسق المذكور في اللفظ الثاني أو الثالث في الآية السابقة: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾؟.

﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ هو "سباب المسلم فسوق"،

نقول: قد يكون الفسق أيضا مرادفاً للكفر الذي هو بمعنى الخروج من الملة، وقد يكون الفسق أيضا مرادفاً للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة، وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر.

وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى لماذا ؟؛ لأن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم الآية المعروفة :﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله﴾. إذ قد ذكر هنا ربنا عز وجل هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة الناجية؛ الفرقة المحقة المؤمنة، ومع ذلك فما حكم عليها بالكفر، مع أن الحديث يقول: "… وقتاله كفر".

إذاً قتاله كفر دون كفر، كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة .

فقتال المسلم للمسلم بغيٌ واعتداءٌ، وفسقٌ وكفرٌ، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفراً عملياً، وقد يكون كفراً اعتقادياً.

من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام - بحق - شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية، حيث أن لهم الفضل في الدندنة حول تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم، الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية رحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يفرقون أو يدندنون دائماً بضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين، التي وقع فيها الخوارج قديماً وبعض أذنابهم حديثاً.

فإذا قوله صلى الله عليه وسلم "… وقتاله كفر" لا يعني الخروج عن الملة.

والأحاديث كثيرة جدا وكثيرة جداً، لو جمعها المتتبع لخرج منها رسالة نافعة في الحقيقة فيها حجة دامغة لأولئك الذين يقفون عند الآية السابقة، ويلتزمون فقط تفسيرها بالكفر الاعتقادي.

بينما هناك نصوص كثيرة وكثيرة جدا التي فيها لفظة الكفر ولا يُعنى أنها تعني الخروج عن الملة.

فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر، بمعنى الكفر العملي، وليس الكفر الاعتقادي.

فإذا عدنا إلى (جماعة التكفير)، وإطلاقهم على الحكام، - وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وبالأولى الذين يعيشون تحت إمرتهم وتوظيفهم - فوجهة نظرهم هي الرجوع إلا أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك.

من جملة الأمور التي يذكرني بها سؤال الأخ إبراهيم السائل آنفا : أنني سمعت من بعض أولئك الذين كانوا من (جماعة التكفير) ثم هداهم الله عز وجل:

قلنا لهم: ها أنتم كفَّرتم بعض الحكام، فما بالكم تكفرون مثلا أئمة المساجد، خطباء المساجد، مؤذني المساجد، خَدَمَةَ المساجد؟ ما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس في الثانوية مثلا أو الجامعة ؟.

قال: الجواب: لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.

يا جماعة هذا الرضى إن كان رضىً قلبياً بالحكم بغير ما أنزل الله، حينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي. فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أن هذا الحكم هو الحكم اللائق بتبنيه في هذا العصر، وأنه لا يليق تبني الحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة، لا شك أن هذا الحاكم يكون كفره كفراً اعتقادياً، وليس كفراً عملياً ، ومن رضي بمثل هذا الحكم أيضا فيلحق به.

فأنتم - أولاً - لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم ببعض بالقوانين الغربية الكافرة - أو بكثير منها -، أنه لو سئل ؟! لأجاب: بأن الحكم بهذه القوانين هو اللازم في العصر الحاضر، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام، لو سئلوا لا تستطيعو أن تقولوا بأنهم يجيبون بأن الحكم بما أنزل الله اليوم لا يليق، وإلا لصاروا كفاراً دون شك ولا ريب.

فإذا نزلنا إلى المحكومين - وفيهم العلماء وفيهم الصالحون و ..و إلخ -، كيف أنتم مجرد أن ترونهم يعيشون تحت حكم يشملهم كما يشملكم أنتم تماماً؟ لكنكم تعلنون أنهم كفار وهؤلاء لا يعلنون أنهم كفار بمعنى مرتدين، لكنهم يقولون إن الحكم بما أنزل الله هو الواجب، وأن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل هذا لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنه مرتد عن دينه!.

من جملة المناقشات التي توضح خطأهم وضلالهم، قلنا لهم: متى يُحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - وقد يصلي كثيرا أو قليلا - متى يُحكم بأنه ارتد عن دينه؟؛ يكفي مرة واحدة؟ ولا يجب أن يعلن سواء بلسان حاله أو بلسان قاله إنه مرتد عن الدين؟!.

كانوا كما يقال لا يحيرون جوابا، لا يدرون جوابا، فنضطر إلى أن أضرب لهم المثل التالي:

أقول: قاضِ يحكم بالشرع، هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومة واحدة زلَت به القدم فحكم بخلاف الشرع، أي: أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم، هل هذا حكم بغير ما أنزل الله؟.

لا؛ حكم بغير ما أنزل الله.

هل تقولون: بأنه كَفَرَ - بمعنى الكفر عندهم - يعني كُفرَ ردة؟

قالوا: لا.

قلنا: لم؛ هو خالف الحكم الشرعي.

قالوا: لأن هذا صدر منه مرة واحدة.

قلنا: حسنا؛ صدر نفس الحكم مرة ثانية، أو حكم آخر، لكن خالف فيه الشرع أيضاً، فهل كفر؟، أخذت أكرر عليهم: ثلاث مرات، أربع مرات، متى تقول: إنه كفر؟! لا تستطيع أن تضع حدا بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع.

تستطيع العكس تماماً، إذا علمت منه أنه في الحكم الأول استحسنه واستقبح الحكم الشرعي، أن تحكم عليه بالردة .

وعلى العكس من ذلك: لو رأيت منه عشرات الحكومات، في قضايا متعددة؛ خالف فيها الشرع، لكن قلت له: يا شيخ أنت حكمت بغير ما أنزل الله عز وجل فلماذا ذلك؟.

فوالله؛ خفت؛ خشيت على نفسي، أو ارتشيت مثلاً وهذا أسوأ من الأول بكثير ... إلخ، مع ذلك لا تستطيع أن نقول بكفره، حتى يعلن؛ يعرب عن كفره المضمور في قلبه أنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل، حينئذ فقط تستطيع أن تقول: أنه كافر كفر ردة.

إذا وخلاصة الكلام الآن: أنه لا بد من معرفة أن الكفر - كالفسق والظلم -، ينقسم إلى قسمين:

- كفر وظلم فسق يخرج من الملة، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي؛ وخلاف ذلك يعود إلى الاستحلال العملي.

فكل العصاة - وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال الرّبا - كل هذا كفر العملي، فلا يجوز لنا أن نكفر هؤلاء العصاة بمجرد ارتكابهم معصية، واستحلالهم إياها عملياً، إلا إذا بدر منهم أو بدا لنا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يُحَرّمُون ما حرم الله ورسوله عقيدة؛ فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة.

أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام: "من كفر مسلما فقد باء به أحدهما".

والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جداً، نذكِّر بهذه المناسبة بقصة ذلك الصحابي الذي بارز مشركا، فلما رأى المُشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالاها الصحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبيَ صلى الله عليه وسلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار -كما تعلمون - فاعتذر الرجل بأنه ما قالها إلا خوفاً من القتل، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم: "هلاّ شققت عن قلبه؟!".

إذاً الكفر الاعتقادي ليس له علاقة بالعمل له علاقة بالقلب، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق، الفاجر، السارق، الزاني، المرابي… إلخ ، إلا إذا عبّر عما في قلبه بلسانه، أما عمله فعمله يبنئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية.

فنحن نقول: إنك خالفت، وإنك فسقت، و فجرت، لكن لا نقول: إنك كفرت، وارتدت عن دينك، حتى يظهر منه شئ يكون لنا عذر عند الله عز وجل أن نحكم بردته، وبالتالي يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه؛ ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "من بدل دينه فاقتلوه".

ثم قلت - وما أزال أقول - لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين:

هبوا يا جماعة أن هؤلاء فعلا كفار كفر ردة، وأنهم لو كان هناك حاكماً أعلى عليهم، واكتشف منهم أن كفرهم كفر ردة، لوجب على ذلك الحاكم أن يطبق فيهم الحديث السابق: "من بدل دينه فاقتلوه".

فالآن: ماذا تستفيدون أنتم من الناحية العملية إذا سلّمنا - جدلاً - أن كل هؤلاء الحكام هم كفار كفر ردة؟! ماذا يمكن أن تعملوا؟.

هؤلاء الكفار احتلوا كثيرا من بلاد الإسلام ونحن هنا - مع الأسف - ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين، فماذا أنتم ونحن نستطيع أن نعمل مع هؤلاء؛ حتى تستطيعوا أنتم أن تعملوا مع الحكام الذين تظنون أنهم من الكفار؟!.

هلا تركتم هذه الناحية جانباً، وبدأتم بتأسيس وبوضع القاعدة التي على أساسها تقوم قائمة الحكومة المسلمة، وذلك باتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ربى أصحابه عليها، ونَشّأهم على نظامها وأساسها.

وذلك ما نخن نعبر عنه في كثير من مثل هذه المناسبة بأنه لا بد لكل جماعة مسلمة تعمل بحق لإعادة حكم الإسلام ليس فقط على أرض الإسلام بل على الأرض كلها، تحقيقاً لقوله تبارك وتعالى: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ [الصف: 9]. وقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن هذه الآية ستتحقق فيما بعد.

فلكي يتمكن المسلمون من تحقيق هذا النص القرآني، هل يكون البدأ بإعلان الثورة على هؤلاء الحكام الذين يظنون فيهم أن كفرهم كفر ردة؟ ثم مع ظنهم هذا - وهو ظن خطأ - لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً.

إذاً؛ لتحقيق هذا النبأ القرآني الحق: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله﴾ [الصف: 9].

ما هو المنهج ما هو الطريق ؟.

لا شك أن الطريق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدندن ويُذكّر أصحابه في كل خطبة: "وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم".

إذا؛ فعلى المسلمين كافة - وبخاصة منهم من يهتم بإعادة الحكم بالإسلام على الأرض الإسلامية بل الأرض كلها - أن يبدأ من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما نكني نحن عنه بكلمتين خفيفتين: (التصفية، والتربية).

ذلك لأننا نحن نعلم حقيقة يغفل عنها - أو يتغافل عنها بالأصح لأنه لا يمكن الغفل عنه - يتغافل عنها أولئك الغلاة، الذين ليس لهم إلا إعلان تكفير الحكام، ثم لا شيء.

وسيظلون كما ظلت جماعة من قبلهم يدعون إلى لإقامة حكم الإسلام على الأرض لكن دون أن يتخذوا لذلك الأسباب المشروعة.

سيظلون يعلنون تكفير الحكام، ثم لا يصدر منهم إلا الفتن !!.

والواقع في هذه السنوات الأخيرة التي تعلمونها بدءاً من فتنة الحرم المكي، ثم فتنة مصر وقتل السادات،وذهاب دماء كثيرة من المسلمين الأبرياء بسبب هذه الفتنة



ثم أخيراً في سوريا، ثم الآن في الجزائر - مع الأسف - ..... إلخ.

كل هذا سببه أنهم خالفوا نصوصا من الكتاب والسنة، من أهمها :﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ﴾ [الأحزاب: 21].

إذًا؛ إذا نحن أردنا أن نقيم حكم الله عز وجل في الأرض هل نبدأ بقتال الحكام ونحن لا نستطيع أن نقاتلهم ؟ أم نبدأ بما بدأ به الرسول عليه السلام ؟.

لاشك أن الجواب: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ سنةٌ…﴾.

بماذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.

تعلمون أنه بدأ بالدعوة بين الأفراد الذين كان يظن فيهم أنهم عندهم استعداد لتقبل الحق، ثم استجاب له من استجاب - كما هو معروف في السيرة النبوية -، ثم الضعف والشدة التي أصابت المسلمين في مكة، ثم الأمر بالهجرة الأولى والثانية،.. إلى آخر ما بدأ به حتى وطد الله عز وجل الإسلام في المدينة المنورة، وبدأت هناك المناوشات، وبدأ القتال بين المسلمين وبين الكفار من جهة، ثم اليهود من جهة أخرى … وهكذا.

إذاً؛ لا بد أن نبدأ نحن بالتعليم ، كما بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن نحن لا نقول الآن بالتعليم لماذا ؛ أي لا نقتصر فقط على كلمة تعليم الأمة الإسلام لأننا في وضع الآن من حيث أنه دخل في التعليم الإسلامي ما ليس من الإسلام بسبيل إطلاقا بل ما فيه يخرى الإسلام ويقضى على الثمرة التي يمكن الوصول إليها بالإسلام الصحيح.

ولذلك فواجب الدعاة الإسلاميين أن يبدءوا بما ذكرت آنفا بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه، من الأشياء التي تفسد الإسلام ليس فقط في فروعه في أخلاقه بل وفي عقيدته أيضا.والشيء الثاني:أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصفى.

ونحن إذا درسنا الجماعات الإسلامية القائمة الآن منذ نحو قرابة قرن من الزمان، لوجدنا كثيرا منهم لم يستفيدوا إلى الآن، رغم صياحهم ورغم زعاقهم أنهم يريدونها حكومة إسلامية، وربما سفكوا دماء أبرياء كثيرة وكثيرة جدا، دون أن يستفيدوا من ذلك شيئاً إطلاقا.

فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة، وهم يريدون أن يقيموا دولة الإسلام.

وبهذه المناسبة نحن نقول هناك كلمة لأحد أولئك الدعاة كنت أتمنى من أتباعه أن يلتزموها وأن يحققوها تلك الكلمة هي: " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم".

لأن المسلم إذا صحح عقيدته بناءً على الكتاب والسنة، فلا شك أنه من وراء ذلك ستصلح عبادته، ستصلح أخلاقه، سلوكه …إلخ.

لكن هذه الكلمة الطيبة - في نقدي وفي نظري - لم يعمل عليها هؤلاء الناس، فظلوا يصيحون بإقامة الدولة المسلمة… وصدق فيهم قول الشاعر:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ***إن السفينة لا تجري على اليبس

لعل فيما ذكرت كفاية جوابا عن هذا السؤال ونستفيد من إخواننا أبو مالك والآخرين، ما يقوي الموضوع إن شاء الله ويزيد الحاضرين علما وفقها.

يا آلله رحمتك.

تضاموا يا إخواننا تضاموا، من أدب مجلس العلم أن لا تتفرقوا.

لعلكم جميعا بلغكم حديث أبي ثعلبة الخشني في مسند الإمام أحمد قال:" كنا إذا سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تفرقنا في الشعاب والوديان، فقال لنا عليه الصلاة والسلام ذات يوم:« إنما تفرقكم هذا في الشعاب والوديان من عمل الشيطان »، موه جلوس هنا فقط إنما في سفر ينزلون في مكان هذا بياخذ ظل تحت شجرة ثنين ثلاثة أربعة وهادون هنا ...إلخ، يتفرقون قال:" فكنا بعد ذلك إذا نزلنا منزلاً لو جلسنا على بساط لوسعنا "؛ لذلك ليس من أدب المجلس العلمي الفقهي ما كنا نراه في دمشق الشام وفي المسجد الكبير حلقات كثيرة جدا كلما كانت كبيرة وفارغة كلما كان العلم قويما؛ يضحك الشيخ ؛ والعكس بالعكس تماما.

فلذلك ينبغي أن نلاحظ في مجالسنا العلمية على الأقل أن نتضام، وأن لا نجلس بعيدا بعضنا عن بعض .

لأن هذا في الواقع له علاقة بصلاح الظاهر يؤثر في صلاح الباطن، كما أن صلاح الباطن يؤثر في صلاح الظاهر، فكأن فيه حركة يسموها الحركة الدائمة .

تفضل يا أستاذ أفدنا مما كتبت، أنا انتهيت مما عندي.

إبراهيم شقرة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ليس لي أن أعقب على كلام شيخنا حفظه الله تعالى وأيده بروح من عنده وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وأبقاه وأمد في عمره ذخرا يتمتع به المسلمون؛ علما، ودينا، وتربية، وخلقا؛ ولكن إذا كان من كلام أقوله أو أتحدث به ، والكلام والحديث كما يقولون ذو شجون، فليس لنا أن نزيد على كلام شيخنا شيئا، لأنه أوفى به على الغاية وانتهى به إلى النهاية، وأدار فكره فيه بُعدا وعمقا بما لا يدع لمثلي كلاما في مثل هذا المقام.

فجزاه الله خيرا ولكن أقول: تأكيدا وتذكيرا وتنبيها أيضا لكثير من الناس الذين قد يظنون بمثلنا الظنون.

أقول إن هذه الكلمة أو هذا الجواب على سؤال أخينا إبراهيم الهاشمي - جزاه الله خيرا - قد أفاد؛ لا أقول فئة خاصة من المسلمين؛ بل سيبقى فائدة تتجلى ضياء، وتمشي سلوكا وحركة وتتألق في أفاق الدنيا منهجا ودعوة، هذه الكلمة الراشدة العظيمة التي أوضحت مسلك الجماعة المسلمة، ولست أعني بالجماعة المسلمة هنا فئة قليلة من الناس، وإنما أعني بالجماعة المسلمة كل من يقول لا إله إلا الله محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدق، وحق واتباع وتربية واعتقاد.

وهذا وإن كان في الناس قليل ولكنه سيثمر ثمرات طيبة إن شاء الله وستجتمع الأمة أو تأتلف عليه وإن طال الزمان وتباعد الظن أو اليقين.

ومن هنا أقول: بأن هذا الجواب العظيم الذي سمعناه يؤكد لنا تأكيدا لا تبقى معه مرية، ولا يكون فيه شك ولا يطيف به شيء مزيدا بأننا والحمد لله عرفنا الحق فاتبعناه، ونشدنا الإيمان الحق فصدقناه، وعرفنا الباطل فاجتنبناه، ولذنا بكتاب الله عز وجل ففزنا، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فابتعدنا به عن كل ما يكون به باطل أو زيغ أو ضلال.

Abdelmageed
Abdelmageed
مراقب عام
مراقب عام

عدد المساهمات : 33
نقاط : 5199
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 04/06/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» فتنة التكفيرللشيخ المحدّث العلامة: محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-
»  {باقي الكتاب} من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
» من صفحة 1ألى ص20 من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
» من صفحة 20ألى ص45 من كتاب. رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار .محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني .العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
» بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم:تأليف العلامة العز بن عبد السلام السلمي >تحقيق محمد ناصر الدين الألباني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى