هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 4 إلى8 صفحات}

اذهب الى الأسفل

المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من  4 إلى8 صفحات} Empty المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 4 إلى8 صفحات}

مُساهمة من طرف المدير الثلاثاء مارس 20, 2012 6:47 pm

عنهم إخوانهم وأصحابهم وأحبابهم بخصوصهم؛ ليفرحوا وتطمئن قلوبهم، وتسكن نفوسهم، ويقدموا على الجهاد، فلما حصل هذا المقصود، وكان هذا الحكم ثابتاً - لمن قتل في سبيل الله إلى يوم القيامة - وكان من بلاغة القرآن وعظمته أنه يخبر بالأمور الكلية، ويذكر الأصول الجامعة؛ أنزل الله هذه الآيات العامات المحكمات حكمة بالغة، ونعمة من الله على عباده سابغة.

ونظير هذا أنه كان مما يتلى: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..." إلخ، فنسخ لفظها وجعل الشارع الرجم بوصف الإحصان؛ لأنه هو الصفة الموجبة لا وصف الشيخوخة، ولكن في ذِكر الشيخ والشيخة من بيان شناعة هذه الفاحشة - ممن وصل إلى هذه الحال وقبحها ورذالتها - ما يوطن قلوبَ المؤمنين في ذلك الوقت الذي كانت القلوب يصعب عليها هذا الحكم على الزنى، الذي كانوا آلفين له في الجاهلية؛ فلم يفجأهم بحكم الرجم دفعة واحدة، بل حكم به على الشيخ والشيخة اللذين ماتت شهوتهما، ولم يبق لهما إرادة حاملة عليه إلا خبثُ الطبع وسوءُ النية، فلما توطنت نفوسهم على قبحه شرع لهم الحكم العام، والله أعلم.

قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا...﴾الآية[الأنعام: 158] فسّر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بطلوع الشمس من مغربها، فالأحاديث الصحيحة دلت على أن أول الآيات طلوعُ الشمس من مغربها، والآية دلت على أن أي آية من آيات الله التي هي مقدمات الساعة - وبها يكون الإيمان اضطرارياً – أتت، فإنه لا ينفع الإيمان؛ لأنه إنما ينفع إيمانُ الاختيارِ وإيمانُ الغيب، وإذا أتى بعضُ الآيات صار الإيمان بشهادةٍ واضطرارٍ فلا ينفع، فالآية دلت على التعليل، والأحاديث دلت على الأولية، والله أعلم.

قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾[النساء:11]، والآية الأخرى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾[النساء: 12]، والأخرى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾[النساء: 12] فاتفقت على إطلاق الدَّين وتقييد الوصية بحصول الإيصاء بها، وهذا يدل على أن الدَّين مقدَّم على حقوق الورثة وغيرهم مطلقاً، سواء وصى المَدين بقضائه أو لم يُوصِ، وسواء كان ديناً لله أو للآدميين، وسواء كان به وثيقة أم لا، وأما الوصية فشَرَطَ الله في ثبوتها أن يوجد الإيصاء بها، فإن لم يوص الميت لم يجب على الورثة شيء من التركة لغير الدَّين، ولا بد من تحقق الإيصاء، فلو وُجد منه قولٌ في حالِ عدم شعور وعلم بما أوصى به؛ لم يتحقق أنه أوصى.

ودلت الآيات على ثبوت الوصية التي يوصي فيها الميت، وقيدتها السُّنة بأنها الثلث فأقل لغير وارث، بل آيات المواريث، وتقدير أنصباء الورثة، مع قوله في آخرها: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ إلى قوله ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾[النساء: 13، 14] تدل على أن الوصية لوارث من باب تعدي الحدود.

لا يمنع الله تعالى عبدَه شيئاً إلا فتح له باباً أنفع له منه وأسهل وأولى، قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾[النساء: 32] فمنع الله مِنْ تمني ما فضّل الله به بعض العبيد على بعض، وأخبر أن كل عاملٍ مِن الرجال والنساء له نصيب وحظ من كسبه، فحض الصنفين على الاجتهاد في الكسب النافع، ونهاهم عن التمني الذي ليس بنافع، وفتح لهم أبواب الفضل والإحسان، ودعاهم إلى سؤال ذلك بلسان الحال ولسان المقال، وأخبرهم بكمال علمه وحكمته، وأن من ذلك أنه لا يُنال ما عنده إلا بطاعته، ولا تُنال المطالب العالية إلا بالسعي والاجتهاد، والله الموفق لكل خير.

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾[طه: 131] تضمنت التزهيد في الدنيا، وأن غضارتها([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) وحسنها الذي متع به المترفين ليس لكرامتهم عليه، وإنما ذلك للابتلاء والاختبار؛ لينظر أيهم أحسن عملاً، وأيهم أكمل عقلاً، فإن العاقل هو الذي يؤثر النفيس الباقي على الدني الفاني، ولهذا قال: ﴿وَرِزْقُ رَبِّكَ﴾ أي الذي أعده للطائعين الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولم يغرهم رونق الدنيا وبهجتها الزائلة، بل نظروا إلى باطن ذلك، حين نظر الجهال إلى ظاهرها، وعرفوا المقصود، ومقدار التفاوت، ودرجات الأمور فرزق الله لهؤلاء خير وأبقى، أي أكمل في كل صنف من أصناف الكمال، وهو مع ذلك باق لا يزول.

وأمّا مَا متَّع به أهل الدنيا فزهرة الحياة الدنيا، تمر سريعاً وتذهب جميعاً؛ ولهذا نهى الله رسوله أن يمد عينيه إلى ما متع به هؤلاء، ومد العين: هو التطلع والتشرف لذلك، لا مجرد نظر العين، وإنما هو نظر القلب، ولهذا لم يقل: (ولا تنظر عيناك إلى ما متعنا به أزواجاً...)الآية، فمد العين متضمن لاستحسان القلب وتطلعه إلى ذلك، ومثل قوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف: 28] فهذه الآية بينت المراد من تلك الآية، وأن نظر العين([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) المقرون بإرادة زينة الحياة الدنيا، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[الحجر: 87،88] فنبهه الله تعالى على الاغتباط بما آتاه الله من المثاني والقرآن العظيم، وامتن عليه بذلك، وأنه الخير والفضل والرحمة الذي يحق الفرح والسرور به؛ فإن ذلك خير مما يجمع أهل الدنيا ويتمتعون به، وإنما الذين ينظرون ويغبطون هم المؤمنون الذين لم يغتروا بما اغتر به المعرضون؛ فلهذا قال: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.

لعل من فوائد تأخير ذِكر ذلك القتيل عن ذِكر الأمر بذبح البقرة - في قصة موسى مع بني إسرائيل - لأن السياق سياق ذم لبني إسرائيل، وتعداد ما جرى لهم مما يقرر ذلك، فلو قدم ذكر القتيل على الأمر بذبح البقرة لصارت قصة واحدة، وقضيةً داخلٌ بعضها في ضمن بعض، فَفَصَل هذا من هذا ليتبين ذمهم وسوء فعالهم في القضيتين؛ ولهذا أتى في ابتداء كل منهما بـ(إذ) الدالة على تذكر تلك الحال وتصويرها، فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً...﴾الآيات[البقرة: 67] ثم قال: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾[البقرة: 72] وليرتب عليه أيضاًَ ما ذكر بعده من قوله: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾[البقرة: 73] إلى آخر الآيات، والله أعلم.

ويقارب هذا ما ذكر الله في قصة مريم حين أثنى عليها بالنعم الظاهرة والباطنة هي ووالدتها، فذكر حالها وكمالها أوّلاً، وأن الله جعلها في كفالة زكريا لتتربى تربيةً حسنة، وتتأدب وتتعلم، وذكر اجتهادها في ملازمة محرابها، واستجابة دعاء أمها، وأنه تقبلها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً قبل ذكر اختصام بني إسرائيل فيها، واقتراعهم عليها؛ لينبه تعالى أن هذا مقصود، وهذا مقصود، وأن لها مدحاً وكمالاً في حال اختصامهم عليها، ومدحاً وكمالاً في حال نشأتها وعبادتها، وتيسير الله لها أمورها.

ومن فوائد ذلك: أن تقديم الغايات والمقاصد والنهايات أهم من تقديم الوسائل، فالاختصاص من باب الوسائل، وما ذكر قبله من باب المقاصد، والله أعلم وأحكم.

ذِكْرُ الله تعالى مرقّع للخلل, متمم لما فيه نقص, ودليله قوله تعالى - بعدما ذكر صلاة الخوف وما فيها من عدم الطمأنينة ونحوها - قال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾[النساء: 103] أي: لينجبر نقصكم، وتتم فضائلكم.

ويشبه هذا: أن الكمال هو الاستثناء في قول العبد: إني فاعل ذلك غداً، فيقول: إن شاء الله، فإذا نسي فقد قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾[الكهف: 24] وهذا أعم من كونه يستثني، بل يذكر الله تعالى تكميلاً لما فاته من الكمال، والله أعلم، فعلى هذا المعنى: ينبغي لمن فعل عبادة على وجهٍ فيه قصور، أو أخل بما أُمِرَ به على وجه النسيان؛ أن يتدارك ذلك بذكر الله تعالى ليزول قصوره، ويرتفع خلله.

احتجاج الفقهاء على أنه لا يجب على الزوج أن يطأ زوجته إلا في كل ثلث سنة مرة بقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ...﴾الآية[البقرة: 226] فيه نظر، وإنما فيها الدلالة على أن للمؤلي خاصة هذه المدة لأجل إيلائه، وأما غير المؤلي فمفهومها يدل على خلاف ذلك، وأنه ليس له أربعة أشهر وإنما عليه ذلك بالمعروف؛ لأنه من أعظم المعاشرة الداخلة في قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 19] فمن آلى زوجُها منها فله أربعة أشهر، لا تملك المطالبة إلا أن يتبين أن قصده الضرار؛ فيمنع من ذلك.








[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([1]) الغضارَةُ: طيبُ العيش. ينظر: "الصحاح" (2/770)، مادة (غضر).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([2]) لعلها: وأن نظر العين المنهي عنه هو المقرون...
avatar
المدير
Admin
Admin

عدد المساهمات : 1934
نقاط : 16508
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 21/01/2011
العمر : 52

خاص للزوار
تردد1:
المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من  4 إلى8 صفحات} Left_bar_bleue100/0المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من  4 إلى8 صفحات} Empty_bar_bleue  (100/0)
أسألة الزوار:
المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من  4 إلى8 صفحات} Left_bar_bleue75/0المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من  4 إلى8 صفحات} Empty_bar_bleue  (75/0)
ddddddkkkkkkk:

https://alhorani.ahladalil.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى