المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 44 إلى 50 صفحات}
صفحة 1 من اصل 1
المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 44 إلى 50 صفحات}
الله بهم على التوحيد وعلى النبوة، وعلى صحة القرآن - كما في هذه الآية - وعلى التوحيد في قوله: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾[آل عمران: 18]، وعلى القرآن قوله: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾[العنكبوت: 49]، وتدل هذه الآيات على أن العلم الحقيقي هو ما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وما فرّق بين الحق والباطل، وما سوى ذلك - وإن كان صحيحاً - فلا يستحق صاحبُه أن يكون من أهل العلم الذين أمر الله بالرجوع إليهم، وإنما هو من أهل الذكر الذين قال الله فيهم: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43]، حقيق بمن منّ اللهُ عليهم بشيءٍ من العلم أن يكونوا أسرع الناس انقياداً للحق، وأبعد الناس عن الباطل، ولهذا شدد الله الذم بمخالفة هذين الأمرين على أهل العلم؛ كقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾[النساء:50]، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ﴾[النساء: 44]، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[آل عمران: 23].
فائدة عظيمة - بل هي أعظم الفوائد على الإطلاق -: الإيمان هو أعلى الخصال وأشرف المراتب وأكمل المناقب، بل لا يمكن أن تكون فضيلةٌ ولا ثوابٌ إلا بالإيمان وحقوقه؛ ولذلك أثنى الله به على خيار خلقه والمصطفين من عباده فقال في كلٍ من نوح وإبراهيم وموسى وهرون وإلياس وغيرهم من الأنبياء: إنه من عبادنا المؤمنين، فعلل ما حصل لهم من الخيرات وزوال الشرور بإيمانهم، وقد علق الله الفلاح ودخول الجنان على الإيمان في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾[المؤمنون: 1]، ثم ذكر صفاتهم الناشئة عن إيمانهم، ثم قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[المؤمنون: 10، 11]، وقال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾[البقرة: 223]، وقال: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾[يونس: 62، 63]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾[الحج: 38] والله يحب المؤمنين، إن الله لمع المؤمنين، وغير ذلك من نصوص الكتاب والسنة الدالة على فضله وفضل أهله، وأن الخير كله فيه، فعلى العبد الذي يريد نجاة نفسه، ويقصد كمالها وفلاحها أن يسعى غاية جهده، ويبذل مقدوره في هذا الوصف، وهو الإيمان علماً ومعرفةً وعملاً وحالاً ووصفاً، وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فوصفه بأقوال اللسان التي يحبها الله ورسوله، وذكر أعلاها بالإحسان إلى عباد الله، أيَّ إحسانٍ كان - حتى إماطة الأذى عن طريقهم - وبأعمال القلوب التي أصلها الحياء، فإن من اتصف بالحياء من الله فقد انصبغ قلبه بمعرفة الله وحبه، وخوفه ورجائه، والتحبب إليه مهما أمكن، وحقيقة هذا: أن الإيمان اسم جامع للشرائع الظاهرة والباطنة، ولأقوال اللسان وأقوال القلب، وأعمال القلوب وأعمال الجوارح، وأن من قام بهذه الأمور ونصح فيها وأحسن كان أكمل إيماناً، وأن من نقص معها معرفة وعلماً وعملاً وحالاً صالحاً نقص من إيمانه بقدر ذلك، والناس في الإيمان درجات متفاوتة، فأكملهم من وصل في علوم الإيمان إلى علم اليقين وحق اليقين، وفي أعماله: من وفّى مرتبة الإحسان، وعبدَ الله على وجه الحضور والمراقبة، وفي أحوال الإيمان: من كانت آدابه وأخلاقه صبغة لقلبه، وحالاً غير حائلة، بل إن عرض له ما يشوش عليه إيمانَه بادر بالحال لإزالته، ورجع إلى نعته ووصفه صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة! ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فإن لم يتغير إيمانُه عند المعارضات - كالشهوات والإرادات السيئة وإتيان الأمر مخالفا لمراد النفس - كان هذا المؤمن حقاً، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[الحجرات: 15]؛ ولهذا كان من كمال الإيمان أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ولهذا أيضاً كان إخراج محبوب النفس - وهو المال - لله تعالى دليلاً على الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])[/sup]، ولهذا أيضاً كان الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد.
ومن علامات الإيمان: ما ذكره الله بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾[الأنفال: 2 - 4] فوصف المؤمنين بأنهم الذين إذا ذُكِر الله وجلت قلوبهم، أي: خضعت وخشعت وذلت لعظمته، وانكسرت لكبريائه؛ فتركت معاصيه، وخافت عقابه، واطمأنت بذكره ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[الرعد: 28]، وإنهم إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، أي: ازدادوا بها علماً وبصيرة، ورغبة في الخير ورهبة من الشر؛ فنما الإيمان في قلوبهم، وكان إيماناًَ ناشئاً عن أعظم الأدلة والبيانات، كما قالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[آل عمران: 16]، وقالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾[آل عمران: 193]، وكما قال مؤمنو الجن: ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ﴾[الجن: 13]، فبحسب إيمان العبد يزدادُ إيمانُه عند تلاوة كتاب الله والحكمة، وهذا أعلى ما يكون من الإيمان، فإنه إيمانٌ عن أكبر البراهين، وإيمانٌ على بصيرة، لا كإيمان ضعفاء المؤمنين، الناشئ عن العادات والتقليد، الذي هو عرضة للعوارض والعوائق! وأما هذا الإيمان فهو إيمان لا تزعزعه الشبهات، ولا تعارضه الخيالات، بل يزداد مع صاحبه مدى الأوقات، ووصفهم بتحقيق التوكل عليه؛ فأعظم الناس إيماناً أعظمهم توكلاً على الله - خصوصاً التوكل العالي الذي هو: الاعتماد التام على الله في تحصيل محابه ومراضيه، ودفع مساخطه - ولهذا يجعل الله التوكل ملازماً للإيمان في كثير من الآيات، كقوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة: 23] فالمؤمن حقاً تجده قائماً بما أمر الله به من الأسباب، معتمداً على مسببها ومصرفها، واثقاً بربه، لا يقلقه تشوشها، ويحزنه إتيانها على غير مراده، قد هدى الله قلبه فاطمأن إلى ربه ورضي به، وفوّض إليه أمرَه، ومن يؤمن بالله يهد قلبَه، قد تحقق قولَه تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[الحج: 70]، ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾[الحديد: 23] قد رضي بكفاية ربه، وسلّم إليه الأمر، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ووصف المؤمنين حقاً في هذه الآية بأنهم الذين يقيمون الصلاة، أي: يقيمونها بقيام مكملاتها، ظاهراً وباطناً، ويؤتون الزكاة؛ فالصلاة فيها الإخلاص للمعبود، والزكاة فيها الإحسان إلى عباد الله تعالى، فبحسب إيمان العبد يكون قيامُه بالصلاة والزكاة اللتين هما أُم العبادات وأجلُّها، وأعلاها وأعظمها نفعاً وثمرات، وكذلك وصف اللهُ المؤمنين في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾[المؤمنون: 1 - 10] فهذه الأوصاف العظيمة بها يكمل الإيمان ويتحقق، وهو ميزان للخلق، فالمؤمنون المفلحون أهل الفردوس، هم الذين أقاموا الصلاة ظاهراً وباطناً، بحقوقها وخشوعها - الذي هو لبها - وآتوا الزكاة المأمور بها، وحفظوا ألسنتهم من الكلام السيئ والفحش، ومن اللغو والكلام الباطل، ولهذا نبه بالأدنى الذي هو اللغو على ما هو أولى منه، فإخبار الله أنهم عن اللغو - الذي هو الكلام الذي لا منفعة فيه – معرضون؛ يدل على أنهم تركوا الكلام المحرم، وحفظوا فروجهم عن الحرام لله تعالى، وتمام حفظها: حفظ البصر، وعدم قربان الفواحش ومقدماتها، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾[النور:30]، ووصفهم بمراعاة عهودهم وأماناتهم، وهذا عام للعهود والأمانات التي بينهم وبين ربهم، فإنهم قد عقدوا بينهم وبين ربهم عقدَ الطاعة والسمعَ والالتزام، ولهذا ذكرهم الله بهذا العهد في قوله: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾[المائدة: 7]، والعهود والأمانات التي بينهم وبين الخلق ألا ينقضوها، وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها؛ ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن علامة الإيمان: أن يكون العبد مؤتمناً على الدماء والأموال فقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن مَن أمِنه الناسُ على دمائهم وأموالهم»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال: «لا يؤمن من لا يأمن جارُه بوائقَه»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) ووصف المنافق بضد ذلك، ووصف المؤمنين بالإيمان بجميع الحق الذي نزله الله، وبالرسل الذين أرسلهم الله؛ فقال: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾[البقرة: 285] فالمؤمن لما كان وصفه أنه متطلبٌ لرضوان الله، متبعٌ هداه أينما كان، آمنَ بجميع الإلهية والرسل، والتزم الدخول في طاعة الله وطاعة رسوله في كل شيء، وسأل اللهَ أن يغفر له ما قصر فيه، وأن يتجاوز عنه إذا قدّم عليه.
ومن صفات المؤمنين: أنهم يُحكِّمون اللهَ ورسولَه في جميع أمورهم ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[النساء: 65]، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور: 62]، ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[النور: 51]، ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[النساء: 59]، فالمؤمن أخلص دينه لله، واجتهد في الاقتداء برسول الله، ولم يُقدّم على قوله وحُكمه قولَ غيره وحُكمه، بل إذا تبينَتْ له سنةُ رسولِ الله لم يعدل عنها إلى غيرها، وبحسب تحقيقه لهذين الأصلين يتحقق إيمانه ويقوى يقينُه وعرفانُه.
ومن صفات المؤمنين: أنهم متحابون متوالون متراحمون متعاطفون، كما قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[التوبة:71]، وقال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾[المائدة: 55]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) وكلما ازداد الاتصال بقرابةٍ أو جوارٍ أو حقٍ من الحقوق ازداد هذا المعنى، وتأكد الإحسانُ إليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جارَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال: «من غشنا فليس منا»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، و«الدين النصيحة، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فالمؤمنون يدينون الله بالنصيحة له في عبوديته، ولكتابه في تعلمه وتفهمه والعمل به والدعوة لذلك، ولرسوله في الاجتهاد في متابعته في أقواله وأفعاله وجميع أحواله، ولأئمة المسلمين وعامتهم بإرشادهم إلى مصالحهم الدينية والدنيوية، ومعاونتهم على البر والتقوى، وكفهم عن الإثم والعدوان بحسب القدرة، كما قال تعالى في الآية السابقة في وصفهم أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
ومن صفاتهم الحميدة ومناقبهم السديدة: ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر - بعد إذ أنقذه الله منه - كما يكره أن يقذف في النار»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، فجعل تحقيقَ الإيمان ووجودَ حلاوته بكون المحبة لله ولرسوله، وتقديمها على سائر المَحاب، وجعل المحاب تبعاً لها، فيحب المرءَ لما قام به واتصف به من محاب الله، وما منّ اللهُ به من الأخلاق الفاضلة، فكلما قويت فيه ازدادت محبته له، فتكون محبةُ المؤمن دائرةً مع محبة الله، فيحب اللهَ ورسولَه ويحب من يحبه من الأعمال والأشخاص، وتكون كراهته للكفر المضاد للإيمان أعظمَ من كراهته للنار التي سيقذف فيها. ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقد تقدم([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) قولُ هرقل الذي في صحيح البخاري: وسألتُك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمْرُ الإيمان حتى يتم، وسألتُك: أيرتد أحدٌ سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ: أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عورة أخيه يتبع الله عورتَه ومن يتبع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف بيته»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]).
ومن علاماتهم: أن الله قد شرح صدورهم للإسلام؛ فانقادوا لشرائعه طوعاً واختياراً ومحبة، قد اطمأنتْ لذلك نفوسُهم، وصاروا على بيّنةٍ من أمرهم، فهم يمشون بنورهم بين الناس، قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾[الزمر: 22]، فمن يرد اللهُ أن يهديه يشرح صدره للإسلام، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل الإيمانُ في القلب اتسع وانشرح» قالوا: وهل لذلك علامة يا رسول الله؟ قال: «نعم!: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، ولما قال له حارثة: "أصبحتُ مؤمناً حقاً" قال: «وما حقيقة إيمانك»؟ قال: "عزفتُ النفس عن الدنيا؛ فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وإلى أهل الجنة في الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار في النار يتعاوون فيها" فقال: «عبد نور الله قلبه؛ فالزم»!([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فتحقيق الإيمان علامته: سهولة العبادات، والتلذذ بالمشقات في رضى رب الأرض والسماوات، والتصديق التام بالجزاء، والعمل بمقتضى هذا اليقين، وكذلك قال الحسن رحمه الله: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([1]) مسلم ح(35)، وأصله في البخاري ح(9) ، وينظر: شرح النووي على مسلم: (2/ 5).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([2]) أبو داود ح(4682)، الترمذي ح(1162)، وأحمد (7402)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (479).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([3]) مسلم ح(223).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([4]) هذا لفظ الترمذي ح(2627)، وأصل الحديث في البخاري (10)، ومسلم (41).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([5]) لفظ البخاري (6016): «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومن يا رسول الله؟! قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه»، ومسلم (46): «لا يدخل الجنة من لا يأمَن جارُه بوائقه».
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([6]) البخاري ح(13)، مسلم ح(45).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([7]) البخاري ح(6019)، مسلم ح(47).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([8]) مسلم: (101).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([9]) مسلم: (55) وليس بحروفه.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([10]) البخاري ح(16)، مسلم ح(43).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([11]) مسلم ح(34).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([12]) لم أجده في النسخة التي بين يدي، فلعله سقط منها، أو أن الشيخ ـ رحمه الله ـ كان حديث عهد بحديث هرقل في موضع آخر من أحد كتبه الأخرى، فظن أنه في هذا الكتاب فأحال عليه، والله أعلم.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([13]) البخاري ح(7)، مسلم ح(1773).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([14]) أبو داود ح(4880)، الترمذي ح(2032) من حديث أبي برزة س، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث حسين بن واقد"، وجوّد إسناده العراقي في "المغني"، ص (661)، وحسن إسناده المنذري في "الترغيب" ح(3529) من حديث البراء س.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([15]) أخرجه ابن أبي شيبة (7/76، 77) ، وسعيد بن منصور (5/88)، من طريق عبدالله بن مسور، قال: تلا رسول الله ج ... الحديث، وهو حديث موضوع من أجل عبدالله هذا، فقد رمي بوضع الحديث، ينظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/195)، الكامل في الضعفاء (5/274)، تاريخ بغداد (11/ 413)، وفي تحقيق د.سعيد الحميد لسنن سعيد بن منصور فوائد إسنادية دقيقة، تحسن مراجعتها.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([16]) أخرجه البزار في مسنده ح (6948) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، عن النبي ج ... فذكره.
وهو حديث منكر، فإنه من وراية يوسف بن عطية، وهو ضعيف، وقد تفرد به عن ثابت البناني، واضطرب فيه كما قال البيهقي ـ فيما نقله عنه ابن حجر في " الإصابة" (1/690)؛ ولهذا قال العقيلي في "الضعفاء" (4/455): "ليس لهذا الحديث إسناد يثبت"، وقال ابن رجب ـ كما في استنشاق نسيم الأنس (99) ـ : "وهذا الحديثُ مروي مرسلاً، ورُويَ مسندًا متَّصِلاً لكن من وجوهٍ ضعيفةٍ". [/b]
فائدة عظيمة - بل هي أعظم الفوائد على الإطلاق -: الإيمان هو أعلى الخصال وأشرف المراتب وأكمل المناقب، بل لا يمكن أن تكون فضيلةٌ ولا ثوابٌ إلا بالإيمان وحقوقه؛ ولذلك أثنى الله به على خيار خلقه والمصطفين من عباده فقال في كلٍ من نوح وإبراهيم وموسى وهرون وإلياس وغيرهم من الأنبياء: إنه من عبادنا المؤمنين، فعلل ما حصل لهم من الخيرات وزوال الشرور بإيمانهم، وقد علق الله الفلاح ودخول الجنان على الإيمان في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾[المؤمنون: 1]، ثم ذكر صفاتهم الناشئة عن إيمانهم، ثم قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[المؤمنون: 10، 11]، وقال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾[البقرة: 223]، وقال: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾[يونس: 62، 63]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾[الحج: 38] والله يحب المؤمنين، إن الله لمع المؤمنين، وغير ذلك من نصوص الكتاب والسنة الدالة على فضله وفضل أهله، وأن الخير كله فيه، فعلى العبد الذي يريد نجاة نفسه، ويقصد كمالها وفلاحها أن يسعى غاية جهده، ويبذل مقدوره في هذا الوصف، وهو الإيمان علماً ومعرفةً وعملاً وحالاً ووصفاً، وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فوصفه بأقوال اللسان التي يحبها الله ورسوله، وذكر أعلاها بالإحسان إلى عباد الله، أيَّ إحسانٍ كان - حتى إماطة الأذى عن طريقهم - وبأعمال القلوب التي أصلها الحياء، فإن من اتصف بالحياء من الله فقد انصبغ قلبه بمعرفة الله وحبه، وخوفه ورجائه، والتحبب إليه مهما أمكن، وحقيقة هذا: أن الإيمان اسم جامع للشرائع الظاهرة والباطنة، ولأقوال اللسان وأقوال القلب، وأعمال القلوب وأعمال الجوارح، وأن من قام بهذه الأمور ونصح فيها وأحسن كان أكمل إيماناً، وأن من نقص معها معرفة وعلماً وعملاً وحالاً صالحاً نقص من إيمانه بقدر ذلك، والناس في الإيمان درجات متفاوتة، فأكملهم من وصل في علوم الإيمان إلى علم اليقين وحق اليقين، وفي أعماله: من وفّى مرتبة الإحسان، وعبدَ الله على وجه الحضور والمراقبة، وفي أحوال الإيمان: من كانت آدابه وأخلاقه صبغة لقلبه، وحالاً غير حائلة، بل إن عرض له ما يشوش عليه إيمانَه بادر بالحال لإزالته، ورجع إلى نعته ووصفه صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة! ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فإن لم يتغير إيمانُه عند المعارضات - كالشهوات والإرادات السيئة وإتيان الأمر مخالفا لمراد النفس - كان هذا المؤمن حقاً، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[الحجرات: 15]؛ ولهذا كان من كمال الإيمان أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ولهذا أيضاً كان إخراج محبوب النفس - وهو المال - لله تعالى دليلاً على الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])[/sup]، ولهذا أيضاً كان الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد.
ومن علامات الإيمان: ما ذكره الله بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾[الأنفال: 2 - 4] فوصف المؤمنين بأنهم الذين إذا ذُكِر الله وجلت قلوبهم، أي: خضعت وخشعت وذلت لعظمته، وانكسرت لكبريائه؛ فتركت معاصيه، وخافت عقابه، واطمأنت بذكره ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[الرعد: 28]، وإنهم إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، أي: ازدادوا بها علماً وبصيرة، ورغبة في الخير ورهبة من الشر؛ فنما الإيمان في قلوبهم، وكان إيماناًَ ناشئاً عن أعظم الأدلة والبيانات، كما قالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[آل عمران: 16]، وقالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾[آل عمران: 193]، وكما قال مؤمنو الجن: ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ﴾[الجن: 13]، فبحسب إيمان العبد يزدادُ إيمانُه عند تلاوة كتاب الله والحكمة، وهذا أعلى ما يكون من الإيمان، فإنه إيمانٌ عن أكبر البراهين، وإيمانٌ على بصيرة، لا كإيمان ضعفاء المؤمنين، الناشئ عن العادات والتقليد، الذي هو عرضة للعوارض والعوائق! وأما هذا الإيمان فهو إيمان لا تزعزعه الشبهات، ولا تعارضه الخيالات، بل يزداد مع صاحبه مدى الأوقات، ووصفهم بتحقيق التوكل عليه؛ فأعظم الناس إيماناً أعظمهم توكلاً على الله - خصوصاً التوكل العالي الذي هو: الاعتماد التام على الله في تحصيل محابه ومراضيه، ودفع مساخطه - ولهذا يجعل الله التوكل ملازماً للإيمان في كثير من الآيات، كقوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة: 23] فالمؤمن حقاً تجده قائماً بما أمر الله به من الأسباب، معتمداً على مسببها ومصرفها، واثقاً بربه، لا يقلقه تشوشها، ويحزنه إتيانها على غير مراده، قد هدى الله قلبه فاطمأن إلى ربه ورضي به، وفوّض إليه أمرَه، ومن يؤمن بالله يهد قلبَه، قد تحقق قولَه تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[الحج: 70]، ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾[الحديد: 23] قد رضي بكفاية ربه، وسلّم إليه الأمر، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ووصف المؤمنين حقاً في هذه الآية بأنهم الذين يقيمون الصلاة، أي: يقيمونها بقيام مكملاتها، ظاهراً وباطناً، ويؤتون الزكاة؛ فالصلاة فيها الإخلاص للمعبود، والزكاة فيها الإحسان إلى عباد الله تعالى، فبحسب إيمان العبد يكون قيامُه بالصلاة والزكاة اللتين هما أُم العبادات وأجلُّها، وأعلاها وأعظمها نفعاً وثمرات، وكذلك وصف اللهُ المؤمنين في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾[المؤمنون: 1 - 10] فهذه الأوصاف العظيمة بها يكمل الإيمان ويتحقق، وهو ميزان للخلق، فالمؤمنون المفلحون أهل الفردوس، هم الذين أقاموا الصلاة ظاهراً وباطناً، بحقوقها وخشوعها - الذي هو لبها - وآتوا الزكاة المأمور بها، وحفظوا ألسنتهم من الكلام السيئ والفحش، ومن اللغو والكلام الباطل، ولهذا نبه بالأدنى الذي هو اللغو على ما هو أولى منه، فإخبار الله أنهم عن اللغو - الذي هو الكلام الذي لا منفعة فيه – معرضون؛ يدل على أنهم تركوا الكلام المحرم، وحفظوا فروجهم عن الحرام لله تعالى، وتمام حفظها: حفظ البصر، وعدم قربان الفواحش ومقدماتها، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾[النور:30]، ووصفهم بمراعاة عهودهم وأماناتهم، وهذا عام للعهود والأمانات التي بينهم وبين ربهم، فإنهم قد عقدوا بينهم وبين ربهم عقدَ الطاعة والسمعَ والالتزام، ولهذا ذكرهم الله بهذا العهد في قوله: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾[المائدة: 7]، والعهود والأمانات التي بينهم وبين الخلق ألا ينقضوها، وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها؛ ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن علامة الإيمان: أن يكون العبد مؤتمناً على الدماء والأموال فقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن مَن أمِنه الناسُ على دمائهم وأموالهم»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال: «لا يؤمن من لا يأمن جارُه بوائقَه»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) ووصف المنافق بضد ذلك، ووصف المؤمنين بالإيمان بجميع الحق الذي نزله الله، وبالرسل الذين أرسلهم الله؛ فقال: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾[البقرة: 285] فالمؤمن لما كان وصفه أنه متطلبٌ لرضوان الله، متبعٌ هداه أينما كان، آمنَ بجميع الإلهية والرسل، والتزم الدخول في طاعة الله وطاعة رسوله في كل شيء، وسأل اللهَ أن يغفر له ما قصر فيه، وأن يتجاوز عنه إذا قدّم عليه.
ومن صفات المؤمنين: أنهم يُحكِّمون اللهَ ورسولَه في جميع أمورهم ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[النساء: 65]، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور: 62]، ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[النور: 51]، ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[النساء: 59]، فالمؤمن أخلص دينه لله، واجتهد في الاقتداء برسول الله، ولم يُقدّم على قوله وحُكمه قولَ غيره وحُكمه، بل إذا تبينَتْ له سنةُ رسولِ الله لم يعدل عنها إلى غيرها، وبحسب تحقيقه لهذين الأصلين يتحقق إيمانه ويقوى يقينُه وعرفانُه.
ومن صفات المؤمنين: أنهم متحابون متوالون متراحمون متعاطفون، كما قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[التوبة:71]، وقال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾[المائدة: 55]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) وكلما ازداد الاتصال بقرابةٍ أو جوارٍ أو حقٍ من الحقوق ازداد هذا المعنى، وتأكد الإحسانُ إليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جارَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال: «من غشنا فليس منا»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، و«الدين النصيحة، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فالمؤمنون يدينون الله بالنصيحة له في عبوديته، ولكتابه في تعلمه وتفهمه والعمل به والدعوة لذلك، ولرسوله في الاجتهاد في متابعته في أقواله وأفعاله وجميع أحواله، ولأئمة المسلمين وعامتهم بإرشادهم إلى مصالحهم الدينية والدنيوية، ومعاونتهم على البر والتقوى، وكفهم عن الإثم والعدوان بحسب القدرة، كما قال تعالى في الآية السابقة في وصفهم أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
ومن صفاتهم الحميدة ومناقبهم السديدة: ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر - بعد إذ أنقذه الله منه - كما يكره أن يقذف في النار»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، فجعل تحقيقَ الإيمان ووجودَ حلاوته بكون المحبة لله ولرسوله، وتقديمها على سائر المَحاب، وجعل المحاب تبعاً لها، فيحب المرءَ لما قام به واتصف به من محاب الله، وما منّ اللهُ به من الأخلاق الفاضلة، فكلما قويت فيه ازدادت محبته له، فتكون محبةُ المؤمن دائرةً مع محبة الله، فيحب اللهَ ورسولَه ويحب من يحبه من الأعمال والأشخاص، وتكون كراهته للكفر المضاد للإيمان أعظمَ من كراهته للنار التي سيقذف فيها. ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقد تقدم([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) قولُ هرقل الذي في صحيح البخاري: وسألتُك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمْرُ الإيمان حتى يتم، وسألتُك: أيرتد أحدٌ سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ: أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عورة أخيه يتبع الله عورتَه ومن يتبع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف بيته»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]).
ومن علاماتهم: أن الله قد شرح صدورهم للإسلام؛ فانقادوا لشرائعه طوعاً واختياراً ومحبة، قد اطمأنتْ لذلك نفوسُهم، وصاروا على بيّنةٍ من أمرهم، فهم يمشون بنورهم بين الناس، قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾[الزمر: 22]، فمن يرد اللهُ أن يهديه يشرح صدره للإسلام، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل الإيمانُ في القلب اتسع وانشرح» قالوا: وهل لذلك علامة يا رسول الله؟ قال: «نعم!: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، ولما قال له حارثة: "أصبحتُ مؤمناً حقاً" قال: «وما حقيقة إيمانك»؟ قال: "عزفتُ النفس عن الدنيا؛ فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وإلى أهل الجنة في الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار في النار يتعاوون فيها" فقال: «عبد نور الله قلبه؛ فالزم»!([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) فتحقيق الإيمان علامته: سهولة العبادات، والتلذذ بالمشقات في رضى رب الأرض والسماوات، والتصديق التام بالجزاء، والعمل بمقتضى هذا اليقين، وكذلك قال الحسن رحمه الله: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([1]) مسلم ح(35)، وأصله في البخاري ح(9) ، وينظر: شرح النووي على مسلم: (2/ 5).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([2]) أبو داود ح(4682)، الترمذي ح(1162)، وأحمد (7402)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (479).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([3]) مسلم ح(223).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([4]) هذا لفظ الترمذي ح(2627)، وأصل الحديث في البخاري (10)، ومسلم (41).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([5]) لفظ البخاري (6016): «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومن يا رسول الله؟! قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه»، ومسلم (46): «لا يدخل الجنة من لا يأمَن جارُه بوائقه».
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([6]) البخاري ح(13)، مسلم ح(45).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([7]) البخاري ح(6019)، مسلم ح(47).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([8]) مسلم: (101).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([9]) مسلم: (55) وليس بحروفه.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([10]) البخاري ح(16)، مسلم ح(43).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([11]) مسلم ح(34).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([12]) لم أجده في النسخة التي بين يدي، فلعله سقط منها، أو أن الشيخ ـ رحمه الله ـ كان حديث عهد بحديث هرقل في موضع آخر من أحد كتبه الأخرى، فظن أنه في هذا الكتاب فأحال عليه، والله أعلم.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([13]) البخاري ح(7)، مسلم ح(1773).
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([14]) أبو داود ح(4880)، الترمذي ح(2032) من حديث أبي برزة س، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث حسين بن واقد"، وجوّد إسناده العراقي في "المغني"، ص (661)، وحسن إسناده المنذري في "الترغيب" ح(3529) من حديث البراء س.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([15]) أخرجه ابن أبي شيبة (7/76، 77) ، وسعيد بن منصور (5/88)، من طريق عبدالله بن مسور، قال: تلا رسول الله ج ... الحديث، وهو حديث موضوع من أجل عبدالله هذا، فقد رمي بوضع الحديث، ينظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/195)، الكامل في الضعفاء (5/274)، تاريخ بغداد (11/ 413)، وفي تحقيق د.سعيد الحميد لسنن سعيد بن منصور فوائد إسنادية دقيقة، تحسن مراجعتها.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([16]) أخرجه البزار في مسنده ح (6948) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، عن النبي ج ... فذكره.
وهو حديث منكر، فإنه من وراية يوسف بن عطية، وهو ضعيف، وقد تفرد به عن ثابت البناني، واضطرب فيه كما قال البيهقي ـ فيما نقله عنه ابن حجر في " الإصابة" (1/690)؛ ولهذا قال العقيلي في "الضعفاء" (4/455): "ليس لهذا الحديث إسناد يثبت"، وقال ابن رجب ـ كما في استنشاق نسيم الأنس (99) ـ : "وهذا الحديثُ مروي مرسلاً، ورُويَ مسندًا متَّصِلاً لكن من وجوهٍ ضعيفةٍ". [/b]
مواضيع مماثلة
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 1 إلى 4 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 8 إلى 13 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 13 إلى 18 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 18 إلى 25 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 25 إلى 31 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 8 إلى 13 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 13 إلى 18 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 18 إلى 25 صفحات}
» المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 25 إلى 31 صفحات}
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى