هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات}

اذهب الى الأسفل

المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات} Empty المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات}

مُساهمة من طرف المدير الثلاثاء مارس 20, 2012 7:15 pm

الأعمال"([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])؛ ولهذا مِن أجلِّ علاماتهم أن الإيمان يصل بهم إلى حد اليقين والصديقين، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾[الحديد: 19] ولما ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ارتفاعَ غُرَف الجنة وعلوَّها العظيم قالوا: "يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم"! فقال: «بلى، والذي نفسي بيده! رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) ولهذا كانت الصدّيقيةُ التي أثنى بها على خواص خلقه هي: تكميل مراتب الإيمان علماً وعملاً ودعوة.

وكما أن مِن تحقيق الإيمان أن تكون الأعمال الصالحة مصدقة له؛ فمِن تحقيقه أيضاً: أن يكون المؤمن متنزهاً عن الإثم والفسوق، وأنواع المعاصي الداخلة في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأنعام: 82]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[البقرة: 278].

ومن موجبات الإيمان: صرفُ الأموال في مصارفها الشرعية، ووضعُها مواضعَها، وإقامة الحدود التي حد اللهُ ورسولُه، قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾[الأنفال: 41] وقال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾[النور: 2]، وقال: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾[النور: 3] إلى غير ذلك من النصوص في الكتاب والسنة الدالةِ على وصف المؤمنين، وأن العبد لا يستحق حقيقة الإيمان حتى يتصف بها.

وفي الجملة: فكلما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا أو: اتركوا كذا؛ كان امتثالُ ذلك الأمر، واجتنابُ ذلك النهي من مقتضيات الإيمان وموجباته، الذي لا يتم إلا بها، فبهذا ونحوه تعرف حقيقةَ الإيمان الذي جعله الله عنوانَ السعادة، ومادةَ الفلاح، وسببَ الفوز بكل مطلوب، والنجاة من كل مرهوب؛ فنسأله تعالى إيماناً كاملاً يهدي به قلوبنا إلى معرفته ومحبته، والإنابة إليه في كل أمر وألسنَتَنا إلى ذكره والثناء عليه، وجوارحَنا إلى طاعته، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾[يونس: 9].

ومِن صفاتهم الجليلة: أن الله يهديهم إلى الحق في المواطن المشتبهات، وللصواب في محالِّ المتاهات التي لا تحتملها عقولُ كثيرٍ من الناس، ويزدادون إيماناً ويقيناً في المواضع التي يزداد بها غيرُهم رَيباً وشكاً، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾[البقرة: 26]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ - إلى أن قال - ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[الحج: 54]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾[المدثر:31]، وقال تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[آل عمران: 7] فما معهم من الإيمان واليقين يهديهم إلى الحقائق وأقوم الطرائق وأرشد الأمور وأصلح الأحوال، ولهذا كان القرآن تذكرة ورحمة وبشرى للمؤمنين، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾[المؤمنون: 57، 58] إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون، فلما مشوا بنور إيمانهم في ظلمات الجهالات والشرور وتولاهم مولاهم - ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾، ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ - مشوا في نورهم يوم القيامة ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾[الحديد: 12]، ولما كانت تجارتهم أجل التجارات؛ كان ربحها النعيم المقيم في غرف الجنان: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...﴾[الصف: 10، 11].

ومن صفاتهم: أن الله ينزل في قلوبهم السكينة والطمأنينة في مواضع الحرج والقلق، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾[الفتح: 4].

كل من قام بحق أو دعا إليه، أو سعى في إنكار منكرٍ وإبطال باطلٍ وجبت معاونته ومساعدته على ذلك، وهو داخل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾[الصف: 14]، ودلت هذه الآية ونحوها باللزوم على الأمر بالسعي بالأسباب التي تتم بها نصرة الحق؛ كالتعلم والتعليم للعلوم النافعة ونحوها.

الإخلاص والالتجاء إلى الله على الدوام: والرجوع إليه في كل أمر؛ هو السبب الأعظم في حصول الهداية إلى الصراط المستقيم - علماً وعملاً -؛ قال الله تعالى عن الخليل عليه السلام: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: 99]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾[العنكبوت: 69]، ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾[ص: 35] قد استجاب الله له هذا الدعاء ووقع الأمر، كذلك فإنه مهما تنقلتْ بالخلق الأحوال، وأُعطوا الأسباب العظيمة - من التمكين في الأرض والاقتدار على مصالحها - فلا بلغوا ولا يبلغون ما بلغه سليمان عليه السلام! مِن الريح التي غدوها شهر ورواحها شهر، وتجري بأمره رخاء حيث أصاب، ومِن تسخير الشياطين كلَّ بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، ومن تسهيل الأسباب التي تدرك فيها المطالب ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾[النمل: 38 - 40]، ومن تسخير الطير والوحوش، وتعلم منطقها، مما هو من أعظم الأدلة على أن هذا أمر سماوي، ليس في قدر المخلوقات استطاعته.

في أمر الله تعالى لزكريا بالذكر بالعشي والأبكار، بعد البشارة له بيحيى عليهما السلام، وفي أمر زكريا لقومه بتسبيح الله بكرةً وعشياً تنبيهٌ على شكر الله تعالى على النعم المتجددة، لا سيما النعم التي يترتب عليها خيرٌ كثيرٌ، ومصالح متعددة، وأنه ينبغي للعبد كلما أحدث اللهُ له نعمةً أحدث لذلك شكراً، وأن أفضل أنواع الشكر: الإكثارُ مِن ذكر الله، وتسبيحِه وتقديسِه والثناءِ عليه.

كمالُ العبد في تمام النعمتين: نعمةَ الدين، ونعمةَ الدنيا، فبهما تحصل السعادة العاجلة والآجلة.

فنعمة الدين: بالعلم الهادي إلى الصراط المستقيم، وبتقوى الله التي هي امتثال أمره واجتناب نهيه؛ ونعمة الدنيا: بأن ينقطع العبد عن رجاء المخلوقين والافتقار إليهم، ويرزقه اللهُ العفةَ عن القبائح، ثم يغنيه بالحياة الطيبة، والخير الذي يكون عوناً له على عبادة ربه، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾[محمد: 17]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[النور: 33] وقد تضمن هذه الأمورَ الأربعةَ الدعاءُ الذي ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]).

إذا صدق العبدُ في حبه ما أمَرَ اللهُ به، وكراهته لما نهى اللهُ عنه، وبذل جهدَه في فعل المحبوب وترك المكروه، واستعان بالله وتضرع إليه في التوفيق لفعل ما يحبه، والحفظ مما يكرهه؛ فإن اللهَ أكرمُ الأكرمين، ولا يخيِّب عبداً هذا شأنُه، ولو توالت وتكاثرت الأسباب المعارضة؛ فإن هذا السبب المجتمع من ثلاثة هذه الأشياء لا يتخلف عنه عند مسببه، وإنما يأتي العبدَ النقصُ من إخلاله بها أو بأحدها؛ ولهذا لما اجتهد يوسف الصديق عليه السلام، في السلامة من شر مراودة امرأة العزيز ومن أعانها على مرادها، وصدق في حبه وإيثاره طاعةَ الله على طاعة النفس، وتضرع إلى الله تعالى وتوكل عليه في حفظه وصيانته استعصم وحفظه الله، وصرف عنه السوء والفحشاء، فقال عليه السلام: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾[يوسف: 33] فاختار السجن المتضمن للعقوبة والإهانة على مراد النفس الدني، المثمر للخسران الدائم، وتملَّقَ إلى الله وتضرع في صرف كيدهن واجتهادهن في فتنته، وفوّض الأمرَ إلى ربه، وعلم أن الله إن وكَلَه إلى نفسه، ولم يصرف عنه كيدهن، فلا بد أن يصبو إليهن ويفعل أفعال الجاهلين؛ لأن هذا طبع النفس، إلا من رحم الله.

قوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾[الكهف: 5] أبطلَ به قولَ مَن زعم أن لله ولداً من ثلاثة أوجه، بل من أربعة: أحدها: أنه قول بلا علم؛ ومن المعلوم أن القول بلا علم من أعظم المختلقات، وأن ذلك من الجهالات والضلالات، خصوصاً في أعظم المسائل وأهمها وهي: مسألة التوحيد، وتفرد الباري جل جلاله بالكمال، وتنزهه عن كل ما لا يليق بجلاله - من أنواع النقائص المنافية لكمال الربوبية وعظمة الإلهية - فنفى عنهم العلم، ونفى عنهم التقليد لأهل العلم؛ فلم يقولوا شيئاً يعلمونه، ولا اقتدوا بالعالمين، بل هم وآباؤهم في ضلال مبين. والوجه الثاني، قوله: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ أي: عظمتْ وزادت في الشناعة إلى حدٍ يُستعجب كيف نطقوا به، وكيف خرجت هذه الكلمة الشنيعة من أفواههم! التي: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾[مريم:91]، وإنما كانت شنيعة جداً لأنها متضمنة لشتم رب العالمين وسبه، كما قال في الحديث الصحيح: «شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وكذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك: أما شتمه إياي فقوله: إن لي ولداً وأنا الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له كفواً أحد...»إلخ([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، فأي شتم أعظم من هذا الشتم! الذي مضمونه حاجة رب العالمين إلى اتخاذ الصاحبة والولد! ومنافاة وحدانيته وتفرده بالكمال! الوجه الثالث قوله: ﴿إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ فسجّلَ على أن قولهم هذا هو الكذب الصراح والإفك المبين، وتأمل كيف ارتقى في إبطاله من وجه يبطله ويفسده إلى وجهٍ آخرَ يزيدُ في إبطاله، إلى وجهٍ ثالثٍ لا يبقى ريب ولا شك لكل ذي بصيرة في إبطاله، فنفى العلم بوجوهه، وشنع ما قالوه وعظمه، وأخبر عن مرتبته - وأنه قول - في أخس المراتب وأسفلها وهو: الكذب والافتراء، والوجه الرابع: ما يحصل به من مجموع هذه الأوجه، فإن الهيئة الاجتماعية يحصل منها أثرٌ ودلالةٌ غيرَ ما حصل لكل وجهٍ على انفراده، ويحصل بها مِن تصريح الدلالة ما يتضح به الحق وينجلي، وهكذا كل مسألة عليها عدة أدلة، فإنه يحصل بكل دليل على انفراده علم، ثم يحصل بالدليل الآخر علم آخر، ثم يحصل باجتماعهما علم آخر، وهكذا كلما كثرت وتعددت؛ وبهذا ونحوه يعلم أن المسائل الكبار كمسألة التوحيد وفروعه ومسألة المعاد ومسألة النبوة أن من تتبع أدلتها، واستقرأ براهينها؛ فإنه يحصل له من حق اليقين، ومن العلم الكامل فيها ما لا يحصل في غيرها من المسائل التي هي دونها، وهذا من أجل قواعد الإيمان، وأفضل العلوم النافعة، وأعظم ما يقرب إلى رب العالمين.



ـ فصل ـ
سؤال: ما هو الغيب الذي أثنى الله على المؤمنين به، وأخبر عن سعادتهم وفلاحهم واستحقاقهم النعيم المقيم؟ فلعل العبد يعرفه ويتعرف محالَّه ومواضِعه؛ فيجتهد في تحقيق الإيمان ليكون من المفلحين. فإن أكثر الناس - بل أكثر المؤمنين - ليس عندهم في هذا الباب إلا أمورٌ مجملة، وألفاظٌ غير محققة، وهذا نفعه دون نفع التنويع والتفصيل والتوضيح والتبيين بكثير كثير؛ فأفتونا بحسب قدرتكم واستطاعتكم؛ فإنا لا نطلب منكم شططاً، وإلا فقد تقرر أن هذه المسألة لا يتمكن خواص الخلق من إيفاء حقها وبيان أمرها، فأفتونا مأجورين.

الجواب: وبالله أستعين، وإليه أضرع في الهداية فيها وفي غيرها: الغيب هو خلاف الشهادة، ولهذا تقسم الأشياء قسمين: غيبية ومحسوسة، فالأمور المحسوسة المشاهدة لم يُعلّق الشارعُ عليها حكماً من أحكام الإيمان، الذي يفرق به بين أهل السعادة وغيرهم، وذلك كالسماء والأرض وما فيها من المخلوقات المشاهدة، والطبائع المعلومة المعقولة؛ إنما يذكر الله تعالى من هذا النوع الأدلةَ والبراهينَ على ما أخبر به وأخبرت به رسله، القسم الثاني: وهو الغيب الذي أمر بالإيمان به، ومدح المؤمنين به في غير موضع من كتابه، وضابط هذا القسم: أنه كل ما أخبر الله به، وأخبرت به رسله على وجهٍ يدعو الناسَ إلى تصديقه والإيمان به، وذلك أنواع كثيرة: أجلها وأعلاها وأفضلها وأنفعها وأيسرها: ما أخبر به في كتبه، وأخبرت به رسلُه من أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا، ونعوته الجليلة الجميلة، وأفعاله الحميدة، وفي الكتاب والسنة من هذا النوع شيء كثير جداً بحسب الحاجة إليه؛ فإنه لا أعظم حاجة وضرورة من معرفة النفوس بربها ومليكها، الذي لا غنى لها عنه طرفة عين، ولا صلاح لها ولا زكاء إلا بمعرفته وعبادته، وكلما كان العبد أعرف بأسماء ربه، وما يستحقه من صفات الكمال، وما يتنزه عنه مما يضاد ذلك؛ كان أعظم إيماناً بالغيب، واستحق من الثناء والمدح بحسب معرفته، وموضعُ هذا: تدبر أسمائه الحسنى التي وصف وسمى بها نفسه في كتابه وعلى لسان رسله، فيتأملها العبد اسماً اسماً، ويعرف معنى ذلك، وأن له تعالى في ذلك الاسم أكمله وأعظمه، وأن هذا الكمال والعظمة ليس له منتهى، ويعرف أن كل ما ناقض هذا الكمال بوجه من الوجوه فإن الله تعالى منزه مقدس عنه، لما كان هذا النوع هو أصل الإيمان بالغيب وأعظمه وأجله؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]) أي ضبط ألفاظها، وأحصى معانيها، وتعقلها في قلبه، وتعبد الله بها، وتقرب بمعرفتها إلى رب العالمين؛ فينبغي للمؤمن الناصح لنفسه أن يبذل ما استطاع من مقدوره في معرفة أسماء الله وصفاته وتقديسه، ويجعل هذه المسألة أهم المسائل عنده، وأولاها بالإيثار، وأحقها بالتحقيق؛ ليفوز من الخير بأوفر نصيب، ولهذا لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الأنصاري عن سبب ملازمته لقراءة سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص:1] في صلاته فقال: "لأنها صفة الرحمن، فأحب أن أقرأ بها" فقال: «حبك إياها أدخلك الجنة» متفق عليه([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]).

ثبت أن حبَّ العبدِ لصفات الرحمن، وملازمة تذكرها، واستحضار ما دلت عليه من المعاني الجليلة، والتفهم في معانيها؛ من أسباب دخول الجنة، وطريق ذلك: أن يجمع العبدُ الأسماءَ الحسنى الواردة في القرآن، وهي قريب من ثمانين اسماً - وفي السُّنة زيادة على ذلك – فيتدبرها، ويعطي كل اسمٍ منها عمومَ ذلك المعنى وكماله وأكمله، فإذا تدبر اسمَ الله عرف أن الله تعالى له جميع معاني الإلهية، وهي كمال الصفات والانفراد بها، وعدم الشريك في الأفعال؛ لأن المألوه إنما يُؤلَه لما قام به من صفات الكمال، فيحب ويخضع له لأجلها، والباري جل جلاله لا يفوته من صفات الكمال شيء بوجه من الوجوه، أو يُؤلَه ويُعبد لأجل نفعه وتوليه ونصره، فيجلب النفع لمن عبده، ويدفع عنه الضرر، ومن المعلوم أن الله تعالى هو المالك لذلك كله، وأن أحداً من الخلق لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فإذا تقرر عنده أن اللهَ وحده المألوه؛ أوجب له أن يعلق بربه حبَّه وخوفَه ورجاءَه، وأناب إليه في كل أموره، وقطع الالتفات إلى غيره من المخلوقين، ممن ليس له من نفسه كمالٌ ولا له فعال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ويتدبر ـ مثلاً ـ اسمَ العليم، فيعلم أن العلم كله بجميع وجوهه واعتباراته لله تعالى، فيعلم تعالى الأمور المتقدمة والأمور المتأخرة، أزلاً وأبداً، ويعلم جليلَ الأمور وحقيرَها، وصغيرَها وكبيرها، ويعلم تعالى ظواهرَ الأشياء وبواطنَها، غيبَها وشهادتَها، ما يعلم الخلقُ منها وما لا يعلمون؛ ويعلم تعالى الواجبات والمستحيلات والجائزات، ويعلم تعالى ما تحت الأرض السفلى كما يعلم ما فوق السماوات العلى، ويعلم تعالى جزئيات الأمور وخبايا الصدور، وخفايا ما وقع ويقع في أرجاء العالم وأنحاء ملكه، فهو الذي أحاط علمُه بجميع الأشياء في كل الأوقات، ولا يعرِض تعالى لعلمه خفاءٌ ولا نسيان، ويتلو هذه الآيات المقرّرِةِ له: كقوله في غير موضع ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[الأنفال: 43]، ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾[التغابن: 4]، ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾[طه: 7]، ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾[الرعد:10]، ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[الحج: 70]، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران: 5، 6]، ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[لقمان: 34] ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾[الأنعام: 59]، ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾[الحج: 63]، ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾[الجن: 26، 27 ]، ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾[سبإ: 2]، ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[لقمان:27]، ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234] ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[آل عمران: 153] ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[المجادلة:7] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾[السجدة: 17] وغير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على هذا المعنى، فإنَّ تَدبُّر بعضَ ذلك يكفي المؤمنَ البصيرَ معرفةً بإحاطة علم الله تعالى، وكمال عظمته، وجليل قدره، وأنه الرب العظيم المالك الكريم.

وكذلك: يتدبر اسمَه الرحمن، وأنه تعالى واسعُ الرحمة، له كمالُ الرحمة، ورحمتُه قد ملأتِ العالم العلوي والسفلي وجميعَ المخلوقات، وشملت الدنيا والآخرة، ويتدبر الآيات الدالة على هذا المعنى كقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾[الأعراف: 156]، ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[البقرة: 143] ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى﴾[الروم: 50]، ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾[لقمان: 20]، ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾[النحل: 53]، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النحل: 18].

ويتلو سورة النحل الدالة على أصول النعم وفروعها، التي هي نفحةٌ وأثرٌ من آثار رحمة الله؛ ولهذا قال في آخرها: ﴿كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾[النحل:81] ثم تدبّر سورة الرحمن من أولها إلى آخرها؛ فإنها عبارة عن شرح وتفصيل لرحمة الله تعالى، فكل ما فيها من ضروب المعاني وتصاريف الألوان من رحمة الرحمن، ولهذا اختتمها في ذكر ما أعد الله للطائعين في الجنة من النعيم المقيم الكامل، الذي هو أثر من رحمته تعالى؛ ولهذا يسمي اللهُ الجنةَ الرحمة كقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[آل عمران: 107]، وفى الحديث: «أن الله قال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط])، وقال: ﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، وفي الحديث الصحيح «لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها»، وفي الحديث الآخر: «إن الله كتَب كتاباً عنده فوق عرشه أن رحمتي سبقت غضبي»([وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]).

وفي الجملة: فالله خلق الخلق برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأمرهم ونهاهم وشرع لهم الشرائع برحمته، وأسبغ عليهم النعمة الظاهرة والباطنة برحمته، ودبرهم أنواع التدبير وصرفهم بأنواع التصريف برحمته، وملأ الدنيا والآخرة من رحمته، فلا طابت الأمور ولا تيسرت الأشياء ولا حصلت المقاصد وأنواع المطالب إلا برحمته، ورحمته فوق ذلك وأجل وأعلى وللمحسنين المتقين من رحمته النصيب الوافر والخير المتكاثر: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾[الأعراف: 56] وهكذا يتدبر العبدُ صفات ربه وآثارها وأحكامها؛ حتى ينصبغ قلبُه بمعرفته، ويستنير فؤادُه ويمتلئ من عظمة خالقه وشواهد صفاته، ولنقتصر على هذا التنبيه اللطيف على هذه الأسماء الثلاثة؛ ليُحتَذى في باقيها على هذا الحذو، ويتدبر - مثلاً - آيةَ الكرسي، وأولَ سورة آل عمران، وأولَ سورة الحديد وغافر، وآخرَ سورة الحشر، وسورةَ الإخلاص ونحوها من الآيات المشتملة على هذا العلم العظيم، وما يتأيد بها من الأحاديث النبوية؛ لينال حظاً جزيلاً من الإيمان بالغيب، وليكون من الذين يخشون ربهم بالغيب.
ومن الإيمان بالغيب: الإيمان بجميع رسل الله الذين أرسلهم على وجه الإجمال والتفصيل لأشخاصهم ولدعوتهم وشرعهم، وكذلك الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها الله هداية للعباد على ما اجتباهم برسالته، ولهذا سمى الله الوحي الذي أنزله على رسوله غيباً، فقال: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾[التكوير: 24]، ويذكر تعالى من أدلة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الأخبار بوقائع الأنبياء المتقدمين وما جرى لهم فيقول: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا﴾[هود: 49]،







[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([1]) شعب الإيمان (1/161).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([2]) البخاري ح(3256)، مسلم ح(2831).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([3]) مسلم ح(2721).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([4]) البخاري ح(4974).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([5]) البخاري ح(2736)، مسلم ح(2677).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([6]) هذا من ألفاظ البخاري ح(741) ولفظ مسلم ح(813): «أخبروه أن الله يحبه».


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([7]) البخاري ح(4569)، مسلم ح(2846).


[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]([8]) البخاري ح(6986).
avatar
المدير
Admin
Admin

عدد المساهمات : 1934
نقاط : 16508
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 21/01/2011
العمر : 52

خاص للزوار
تردد1:
المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات} Left_bar_bleue100/0المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات} Empty_bar_bleue  (100/0)
أسألة الزوار:
المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات} Left_bar_bleue75/0المواهب الربانية من الآيات القرآنية {من 50 إلى 59 صفحات} Empty_bar_bleue  (75/0)
ddddddkkkkkkk:

https://alhorani.ahladalil.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى